- كتب: محمد المقبلي
منح الروائي اليمني والمثقف الجمهوري وسام الفارس وهو أعلى وسام فرنسي هو أبرز رمزية ثقافية لليمن عالميا منذ أن تم صك صورة الرمز الكبير عبد الله البردوني في عملة معدنية للأمم المتحدة تكريما له، ومنذ تكريم الدكتور المقالح بذات الوسام الفرنسي أيام جاك شيراك، ومنذ حاز أبو بكر سالم بلفقيه على جائزة ثاني أفضل صوت عالميا بتقدير اليونسكو على أغنية (أقول له إيه)، وهي الأغنية التي تفوق فيها أبو بكر سالم على وعيه الفني فمثل ذلك اللحن وتلك الطبقات والعرب اللحنية مصدرها الروح والروح فقط.. هي تنتمي لخوارق اللاشعور..
صحيح أن شاعر كوني ومثقف يمني مثل الدكتور المقالح لم ينال التكريم العالمي كنوبل للآداب لكن المقالح والبردوني وودرويش والجواهري ونزار ذوي المواقف النضالية تجاه القضية الفلسطينية وموقفهم من الاحتلال الصهيوني وفق تقديري حال دون ذلك.. هذا لايعني أن نوبل للآداب لم تنصف المثقف العربي وغير الغربي فنجيب محفوظ منح نوبل للآداب وهو استحقاق محمود وعادل..
وسام الفارس، كوسام من باريس تحديدا، هو تكريم للثقافة اليمنية من خلال علي المقري وفي ظرف حساس تشهد فيه الثقافة اليمنية والمثقف اليمني تهديد وجودي لم تشهده من أكثر من نصف قرن مع بروز الممحاة الكهنوتية للثقافة والهوية اليمنية.. والفضيحة التي تسمى زورا الدورات الثقافية هي عملية حشو لملازم أبو جر والنور هو الظلام..
وسام الفارس للثقافة والفنون، وهو وسام عالمي ورفيع معتبر تمنحه الرئاسة الفرنسية من خلال وزارة الثقافة الفرنسية تحت جملة الثقافة الفرنسية خطوط عريضة لرمزيتها عالميا..
الوسام منح لأدباء وفنانين عالميين كنجيب محفوظ وأنطونيو تابوكي واليف شفق وباولو كويلو وجاكي شان وجورج كلوني وفيروز وأمين معلوف، وهذا يعني لنا كيمنيين الكثير أن يضاف إسم مثقف يمني من خلال فن الرواية..
يمثل علي المقري أوسع وأجود عمل فني للرواية اليمنية، ويضاف لعلي المقري أنه غمرنا بفنه ولم يجرحنا موقفه من الحرية والديمقراطية وقضايا الشعب اليمني الجمهوري وخذا المسلك النبيل لأغلبية المثقفين اليمنيين، وللأديب والشاعر والمثقف اليمني إجمالا خصوصية يتمايز بها عن السائد العربي على الأقل، فالمثقف اليمني لم يكن ملحق بالسياسي والعسكري في الحركة الوطنية بل كان المثقف اليمني شمالا وجنوبا صانع ومؤسس العمل الوطني والحركة الوطنية منتصف القرن، ورغم سطوة الأيدلوجيا خلال الربع القرن الأخير إلا أن المثقف اليمني لايزال فاعل رئيسي في العمل الوطني والرأي العام تحديدا..
تزامن ميلاد الرواية اليمنية بميلاد اليمن الجمهوري ومشروع التحرر العربي، إذ مثلت روايات علي أحمد باكثير وابرزها وأسلاماه ورواية واق الواق للشهيد الزبيري باكورة العمل الروائي اليمني وفق تقديري، إلا أن الرواية ذات الأسلوب الفني الحديث والقالب السردي بإنزياحاته الداخلية وفنيته الخارجية في القالب السردي كانت في رواية الرهينة للعبقري زيد دماج، وفي أعمال محمد عبد الولي كقاص وروائي لو كتب له عمر طويل لكان نجيب محفوظ اليمن، خصوصا أنه كان لولي النشر والطباعة أهمية بالغة وبالحس الديناميكي للأديب القادم من الحجرية أسس ومعه شقيقه عباس أول دار نشر في اليمن..
علي المقري ووليد دماج ومحمود ياسين والدكتور حبيب سروري والدكتور مروان الغفوري ونبيلة الزبير وريان الشيباني ومحمد عبد الوكيل كقاص، طلال وفكرية شحرة والدكتورة نادية الكوكباني والدكتور هاني الصلوي وبسام شمس.. والروائيين الشباب الذي أتوقع أن يقدموا أعمال سردية كبيرة إذا أدركوا أن السرد كيف وليس كم.. كعبد الله شروح ومحمد المياحي وباطويل وصقر الصنيدي وحميد الرقيمي.. وغيرهم، موجة يمنية تأسيسية وواسعة قد تحقق عربيا وعالميا ماحققته القصيدة اليمنية.. والسر يكمن في النبع.. اليمنيون شعب الحكاية.. يعيش ليحكي ويحكي ليعيش منتعش وشعب المقيل والقيلة والشفاة ولدت لتحكي.
* هذا التكريم مناسبة ليتجه الشباب لقراءة أعمال علي المقري ..صدقوني ستعرفون فنيابعض اللامرئي في اليمن