- محمود ياسين
أفكر أن أكون متدينا في رمضان، لكن ذلك يجعلني متقدما في العمر، ويضفي على وجودي عطن كائن تاب من خطايا لايذكرها وليس على دراية بكونه اقترفها، هكذا أتهادى في السير وأبتسم لكل ما يصادفني من ضروب الحمق، وتتكون لي صورة في المحصلة، تبدأ بياقة بيضاء وسيماء الصالحين.
إذ تتمسك بمزاجك اللارمضاني في محيط مترمض كلية سيجعلك الأمر متبطلا وبينك وبين ماتنتمي إليه مسافة..
لن أسرد عليكم حكاية: عندما كنت في السابعة وصمت للمرة الأولى، إنها حكاية متداولة ولم تعد تمنح أيامنا صورة أثيرة أو تسترعي انتباه أحد فالجميع لديه حكاية مشابهة وأمسينا متطابقين في استعادة الأيام الخوالي واستعراض الحنين إلى الماضي، ناهيك عن كوني لم أصم وأنا طفل البتة.
فليحتفظ كل منا بحكايا طفولته في هذا الحشد من المكتهلين فجأة، المتقادمين مباغتة مثل لاعب قروي ساذج بقي يحدق لعداد اللعبة وهو يدور فجأة دون أن يحصل على لحظة للاختيار، أكتهلنا أمام عداد السنوات التالف هذا وهو يبدل التواريخ سنة سنة تمضي وكأن رمضان الماضي ورامز جلال كانوا قبل أسبوع..
يقال إن الوقت الذي يمر سريعا هو وقت السعداء، وقتنا يمر أسرع من أن نلحظه ولسنا سعداء فيما أعرف، أظنه الزمن البيلوجي يفقد مقياسه وكتلته تماما عند السعداء جدا وعند من لم يعودوا يأملون شيئا أو يكترثون لإنجاز شيئ، وقت متبطل يحاول أحدنا إعادة ضبطه على رمضان بوصفه نقطة ارتكاز ومبعث تنشيط الذاكرة، ذلك أنه الشهر الذي حدثت فيه الأشياء المختلفة منذ الصغر وبعده يأتي العيد، ومامن أحداث طقسية وجماعية تختزل الميثولوجيا لدينا خارج هذا التوقيت.
لم ترقني ” الميثولوجيا” مصطلح هكذا لا أدري كيف سقط على السطر دون أي نية لأبدو لامعا وعالما بالمصطلحات الغريبة، حتى أنني لا أفهم في حقيقة الأمر ما أصل اشتقاق المصطلح ولا ماذا يعني على وجه الدقة، لكن ياالله ميثولوجيا وشفوت وتراويح ورامز جلال، خلطة ملائمة لمن لا يجدون وقتا خارج ماخصص لهم، سنمضيها جيدا على أية حال، ابتهج في رمضان دون حاجة لرثاء الذكريات وماشابه، هناك سمرات وبرامج ونميمة كافية ليتصالح أحدنا مع جانبه المولع باستدعاء النقائص.
سنكون شركاء روحانيين في شهر هو المتبقي بملامحه التي يبحث الناس من خلالها عن ملامحهم، في حياة تمضي أيامها وسنواتها متشابهة حد ال الذي لا ادريه بالضبط، لكنها متشابهة دون أن تشبه شيئا في الذاكرة أو التوقعات..
حق من التمر ؟.





