- كتب: محمد عبدالرحمن المسني
علي نحو يثير الإبهار تعرفت على مدير البنك اليمني للإنشاء والتعمير في مدينة التربة بمحافظة تعز الأستاذ عبدالمجيد ثابت كنت عندها في التاسعة من عمري، عندما سألت أبي بعد خروجنا من البنك اليمني للإنشاء والتعمير أين اليد الأخرى لمدير البنك فتبسم أبي وكأن شفتاه قمرا يتلألأ، يالله كم تأسرني إبتسامته التي تبعتها كلمات تفيض إنبهار بالرجل وتشجيع لي قائلا: عمك عبدالمجيد من أفضل لاعبي اليمن وكان يلعب بيد واحدة كما درس وأكمل الجامعه بإمتياز.
شخصية العم عبدالمجيد ثابت فيها من الكاريزما والألفة ما يصعب علي أي شخص نسيان تلك الشخصية الجذابة وقد كان لطيف معي وسألنا عن المدرسة وشجعنا علي التعليم أثناء تواجدي والوالد في مكتبه بالبنك..
وقد ألتقيت به بعدها مرارا حيث كان أبي يصطحبني معه إلى أي مكان يذهب، بما فيه المقيل في منزل عمي عبدالرحيم عبدالقادر نعمان وكان شيخ ضمان ذبحان ومن ألطف الأقارب الذين أحبهم، فهو زوج عمتي وعلي الرغم من تعامله مع أفراد أسرته بحزم إلا أنه كان يحبنا وقد يكون مبعث حبه لي عمتي التي هي زوجته والتي كانت تحبنا كثيرا، وهي التي أسمتنا محمد بعد إن كان اسمي عرفات كوني من مواليد يوم عيد الأضحى أو لتقديره الكبير لوالدي فقد كان عمي عبدالرحيم لاينكسر لأحد سوى أبي.
وكان مقيل عمي عبدالرحيم عامر، وأهم مرتاديه العم عبدالمجيد ثابت كمثقف ينصت له الجميع وله آراءه المستقلة والجريئة وكانت نقاشاتهم عن الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات..
مرة نقلت أحد الآراء للعم عبدالمجيد لأبنه عصمت الذي كان معي في المدرسة زميل ينبض بالنشاط والتألق وبسبب ذلك وقع لي تأنيب من العم عبدالمجيد وأبي.
كان موقف لازلت كلما تذكرته أضحك علي جرائتي ومجاراتي لنقاش الكبار نتاج تشجيع أبي الذي كان يردد ابني محمد وزير خارجية بدل الإرياني عند تقديمه لي أمام أصدقائه..
كما كان ضمن المقيل رجل مثقف آخر وعندما سألت أبي: من هذا يا أبي قال هذا فقيه الاشتراكيين_ يقصد العم أحمد عبدالواسع الفقيه وهو مثقف يساري ونجار ومن الأسر الكبيرة في ذبحان وكانوا جميعهم في المقيل نخبة العزلة في تلك الفترة..
ومقيل عمي عبدالرحيم واحة للحرية والتسامح وهو مايميزه عن غيره من المقايل في دور المشائخ.
نعود للعم عبدالمجيد ثابت محمد المجيدي المناضل الجميل والعصامي الرائع الذي فقد يده اليسرى في الخامسة من عمره إثر حادث سقوط في مسقط رأسه في المقاطرة، سبب له حالة تسمم وغرغرينة.. أسعف حينها إلى عدن وكانت تحت الإدارة البريطانية فتم بتر يده وهو مشهد وموقف عظيم لطفل في عمره..
لكن الطفل التواق للحياة وشعلة النشاط التي لاتنطفئ ألتحق بالمدرسة الأهلية في التواهي فدرس الإبتدائية والإعدادية، بعدها أنتقل إلى المدرسة الثانوية في خورمكسر وتخرج منها بامتياز ليعود مدرسا في المدرسة الإعدادية بالشيخ عثمان لمده عام من 1972م إلي العام 1973م ومن ثم حصل علي منحة دراسية إلى القاهرة في كلية التجارة ومن ثم كلية الآداب وبعد إكمال الدراسة.. عاد إلى أرض الوطن ليعمل في وزارة الخدمة المدنية في عدن العام 1978م لفترة قصيرة ثم عاد إلى تعز وتوظف في البنك اليمني للإنشاء والتعمير.
بدأ مشواره الرياضي منذ الطفولة في الحواري والمساحات الجانبية لملاعب نادي الروضه بالقلوعة وملعب الشهداء بالتواهي وله تاريخ رياضي حافل بالشهره واللعب المتفرد..
في نادي شباب التواهي وبعد إنتقاله إلى تعز ألتحق بالنادي الأهلي وكان الهدف الذي سجله علي شعب صنعاء مثيرا وهو من أجمل أهدافه خلال مسيرته الرياضية وقد سجل الهدف من خط الـ18 ولقي إشادة من حكم المباراة العراقي، كما حصل علي مكافأة مادية من محافظ تعز الأستاذ عبدالرحمن محمد علي عثمان راعي الرياضة في ذلك الوقت، وقد حملته الجماهير علي الأكتاف من الملعب حتى الفندق الذي كان بالقرب من نادي الظرافي في صنعاء.
لعب المجيدي في النادي الاهلي مع كبار نجوم الكرة اليمنية مثل اللاعب الدولي يحي فارع سلام نجم نادي الجزيرة سابقا وشمسان حاليا والكابتن عبدالعزيز القاضي وغيرهم من نجوم القلعة الحمراء..
وقد حصل المجيدي علي كأس أحسن لاعب في الجمهورية العربية اليمنية، كما شارك مع منتخب تعز أمام مباراته مع منتخب الصين عام ١٩٧٦م وانتهت المباراة بفوز منتخب تعز علي الفريق الصيني الذي هزم الكثير من الفرق في عدن وحضرموت..
لقب المجيدي بالهارب بسبب سرعته في الملعب وبالتزامن مع مسلسل أمريكي يبثه تلفزيون عدن في الستينات لممثل رئيسي بيد واحدة وأطلق عليه اللقب أمام الإعلاميين الرياضيين المرحوم محمد عبدالله فارع بعد مباراة بين شباب التواهي وشباب البريقة سجلت فيه خمسة أهداف وكتب المرحوم فارع في الصحيفة: “الهارب يسجل خمسة أهداف في مرمى فريق البريقة”، وبقي هذا اللقب مرافق المجيدي..
وبعد 13 عاما من التألق الرياضي كانت الإصابة الأكثر ألما علي ملعب الظرافي في مبارة بين الأهلي ووحدة صنعاء ليغادر الملعب بشرخين في عظم المرفق لينتهي مشواره الرياضي، ويتوقف عن الرياضة قسرا جراء إصابته، لينتقل إلى ميدان العمل المصرفي كمدير كموظف ومن ثم مدير في البنك اليمني للإنشاء والتعمير ليحصل علي العديد من الترقيات لتميزه وتفانيه في العمل كألمع موظفي البنك اليمني للإنشاء والتعمير.
الحديث عن العم عبدالمجيد لايمل بروحه الإنسانية العالية وصدق نضاله وتضحيته.
وإلى لقاء آخر وإضافة أخرى عن حياة هذا اللاعب القدوة والإنسان المتفرد.