- عبدالرحمن الشيباني
كم أدهشنى ذلك الود والحب الذي أظهره الشعب التشيلى تجاه رئيستهم وكذا الدموع التى ذرفوها فى مشهد مؤثر فعلا، وهم يودعون “ميشال باشلي” التى غادرت القصر الرئاسى إلى منزلها وسط هتافات الجماهير التى احتشدت لوداعها، وكذلك فعلت مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، حيث رفضت الأولى أن تستمر فى الحكم، مؤمنة أن المنصب من حق كل تشيلى وأن مهمتها انتهت، إنها “أم الجميع ” هكذا يلقبها الشعب التشيلى، فقد حققت فى عهدها الكثير من الإنجازات حيث انخفظت مؤشرات الفساد بشكل كبير جدا، وأشرفت على إصلاحات داخلية عديدة ساهمت برفع المستوى المعيشي لشعبها، لقد أعطت” باشلي “وهى الاشتراكية وأول امرأة في البلد تمسك بزمام الرئاسة، والتى شكّل عهدها رمز تحوّل فى تشيلي بعد انتهاء حكم أوغستو بينوشيه العسكري المستبد عام 1990.
وكذلك فعلت ميركل التى تركت منصبها ورفضت ترشيح نفسها والاستمرار فى الحكم وذهبت إلى شقتها المتواضعة جدا، لا تملك شىء سوى احترام الشعب الألماني الذي ضل يصفق لها لنصف ساعة كاملة، كيف لا وهى من تركت ألمانيا فى أوج قوتها الاقتصادية، حين سئلت عن تكرار ارتداءها لنفس الملابس فى اللقاءات الرسمية وعن عدم وجود بديلا عنها لتلبسة وهى مستشارة المانيا والقوة أجابت بالقول: “أنا هنا خادمة للشعب الألمانى ولست عارضة أزياء”انتهى الدرس هنا !!
وطالما ذكرنا هاتين الزعيمتين فلا بد أن نعرج لأخريات ايضا، وما اكثرهن ونختار منهن رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن، والتى سميت بـ″قاهرة الأزمات″ فى بلادها والتى سردت فى إحدى مقابلاتها التلفزيونية إنجازاتها بشكل اذهل الجميع ونالت احترام مواطنيها بل والعالم أجمع، ولعل الجميع يتذكر تعاملها الراقى والانسانى والوطنى الذي أبدته حيال مواطنيها “المسلمين” بعد حادثة المسجدين فى مدينة كرايستشيرش في نيوزيلندا فى العام 2019 م، وكم هو الفرق بين هذه المرأة وبعض المحسوبين على الاسلام زورا، والذين لا يصدهم ضمير أو وازع دينى وهم يقومون بتفجير المساجد وقتل الأبرياء فيها، لقد أعطت النساء فى تلك الدول وغيرهن الكثير فى بلدان شتى، درسا قاسيا للحكام العرب (الرجال!! ) المتربعين على كراسيهم الصدءة، وأوصلن رسالة للجميع بأن الشعب هو الحاكم وهو من يقرر من يحكمه، وأن لا شرعية لاى حاكم إلا من الشعب.
هذه الأسماء تظل فى ذاكرة شعوبها ويحفظ لهن التاريخ أدوارهن الكبيرة والمؤثرة فى الحياة السياسية، لقد آمنت هذه الشعوب بأن الوطن ملك للجميع، ولن يبنيه إلا أبناءه رجالا ونساء على حد سواء، وأن من أعطى لبلده وأخلص واجب على الشعب احترامه وتقديره وتوديعه بتلك الحفاوة والامتنان سواء كان رجلا أو امرأة.





