- كتب: طه العامري
[email protected]
(1)
ليس بمقدور أحدا مهما كان وكانت مكانته ودوره ومواقفه أن ينكر دور (تعز) وأبنائها في قيادة التحولات الوطنية وعلى مختلف المستويات والجوانب الثقافية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية..
تعز.. هذه المحافظة التي تعد أحدى أهم روافد التحولات الحضارية والوطنية وعلى مختلف الجوانب، وقدمت الكثير من التضحيات المادية والمعنوية في سبيل الارتقاء بالواقع الوطني، مثلها مثل بقية المحافظات اليمنية، إلا أن (تعز) كانت السباقة والمبادرة في قيادة التحولات الوطنية ولدوافع وطنية وحضارية بمعزل عن النوايا السياسية وحساباتها وتوازناتها التي فرضت من قبل البعض لتحقيق رغبات وتأمين مصالح وامتيازات وهؤلاء البعض كان فيهم من ينتمي لتعز وتقاطعت مصالحه الخاصة مع مصالح أخرين ينتمون لمختلف أرجاء اليمن ليشكل هؤلاء مجتمعين ترويكة الإقطاع السياسي بتوازناته المبتكرة القائمة على ثقافة انتهازية يغلب أصحابها مصالحهم ونفوذهم على المصلحة الجمعية الوطنية، وهذا السلوك القى بظلاله على الواقع الوطني وتحولاته، لكن كان لتعز النصيب الأكبر من الاستهداف الممنهج والسلس والراقي الذي قليلا ما يترك آثاره، فيما ضحاياه يتساقطون ويتلاشون بهدوء ويختفون عن المشهد بصورة تبدو أكثر من طبيعية ولا لبس فيها، لكن تبقى علامات الاستفهام قائمة ومنتصبة في تجاويف ذاكرة المراقب الباحث عن تفسيرات منطقية مقنعة لكثير من الظواهر المتصلة بدور هذه المحافظة وأبنائها ورموزها الذين كان لهم السبق في إيقاد شعلة التحولات الحضارية الوطنية وعلى مختلف الجوانب وأبرزها الجوانب الاقتصادية والتجارية والتنموية، إذ كانت (تعز) ومن خلال بعض رموزها الاقتصادية والتجارية السباقة لتكون رافعة للاقتصاد الوطني وأيقونة التحولات الاقتصادية والتنموية ولم تربط دورها هذا بالواقع (السياسي) و حساباته، بل كانت رافدا لهذا الواقع وداعما لاستقراره بصورة كلية وبما يخدم المصلحة الوطنية الجمعية دون النظر لمفردات التنابز في الخطاب السياسي الذي تبناه البعض من أرباب النفوذ كوسيلة للدفاع عن مصالحهم..؟!
كان لحركة الهجرة دورا في بلورة رؤى وأفكار وقناعات أبناء (تعز) الذين لم يستسلموا للواقع المظلم الذي فرضه على الشعب اليمني نظام (الأئمة البائد) الذين أخضعوا غالبية أبناء اليمن فيما كان يطلق عليه ب (الشطر الشمالي) لمنطقهم الاستلابي المتخلف والمجبول بكل مفردات الجهل وثقافة التجهيل، وهو المنطق الذي قاومته (تعز) وأبنائها الذين استغلوا موقعهم الجغرافي مع (الشطر الجنوبي) من الوطن وخاصة مدينة (عدن) التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني فرحلوا إليها باحلامهم وتطلعاتهم، ليتخذ منها البعض من أبناء (تعز) ملاذا ومقرا، فيما البعض الآخر اتخذا منها نافذة للانطلاق نحو الفضاءات الخارجية فتوجهوا نحو دول أفريقيا وآسيا وأوروبا، بل وصلت أقدامهم إلى أستراليا وكندا، ومن كل هذه البلدان نسجوا أحلامهم وبنوا قدراتهم المادية فكانوا أفضل من عبروا عن إنتمائهم الوطني وعن هويتهم الوطنية والعربية والإسلامية، ولم يكتفوا في نطاق تحسين أوضاعهم المادية وأوضاع أسرهم، بل تحملوا مهمة تحسين الحال الوطني حين سخروا ثرواتهم ودعمهم السخي لحركة الأحرار ورواد التغير السياسي وكما ساهموا وبفعالية في مقاومة نظام الإمامة ساهموا بذات القدر في مناهضة ومقاومة نظام الاستعمار البريطاني، ناهيكم عن دورهم الحضاري في إنعاش الذاكرة الوطنية الجمعية وتنوير الواقع الاجتماعي وإخراجه من دائرة الارتهان والتبعية العمياء لأنظمة التخلف والإستبداد في شطري الوطن.
وخلال العقود الثالثة والرابعة والخامسة من القرن الماضي برزت أسماء (تعزية) في قطاع التجارة والاقتصاد كان لها الأثر الكبير في تحقيق التحولات الاقتصادية والتنموية الوطنية في شطري الوطن، وكانوا اول من وضع اللبنات في مدماك اقتصادنا الوطني وتحولاتنا التنموية والحضارية، ولأن الاقتصاد ثقافة فقد كان لدورهم الاقتصادي والتجاري أثرا كبيرا في إنعاش الذاكرة الثقافية الوطنية التي تبلورت بصورة ثورة ضد نظامي الإمامة في شمال الوطن والاستعمار البريطاني في جنوبه.
وقد لعبت الرأسمالية التعزية دورا في إنجاح التحولات الثورية والوطنية والاجتماعية وساهمت بشكل محوري وفاعل في التخلص من أنظمة التخلف والإستبداد والانتصار لإرادة الشعب اليمني ومن ثم المضي في دعم التحولات الوطنية والتنموية وتلبية احتياجات الوطن والمواطن بكل عوامل الارتقاء والتقدم الاجتماعي وتمكينه من اللحاق بشعوب العالم المتقدم.
يتبع ….