- كتب: محمود ياسين
تخشى سلطة صنعاء، الحوثيون أنصار الله، أن السعودية والإمارات بصدد الحصول على سلام يخصهما والتخلص من أعباء التدخل وإلقائها على عاتق اليمنيين، الخروج من الحرب والحصول على براءة منها مضافا إليها الخروج بماء الوجه مع الإبقاء على المساندة العسكرية للمجلس الرئاسي دون تدخل جوي.
إنجاز ماتريده الدولتين عبر قيادات أختارتهما بعناية، وبمعزل عن ورطة التدخل المباشر، هكذا يفكرون، وهو قريب من هذا التفكير حقا، لكن الفكرة المستبعدة في وعي سلطة صنعاء والاحتمالية المنفية تماما، هو ان الخليج قد خلص حقا لضرورة السلام في اليمن ولو ستجابة لإرادة دولية ومتغيرات قاهرة.
يجدونه هنا في صنعاء تكوين عسكري يصلح للحرب وليس السلام الذي يعلنه..
أقل شرعية يريدونها هنا لكن أكثر فاعلية يحذرون منها..
لا ضمانات أصلا غير ظاهر الأمور وما يبدو توجها دوليا لحل المعضلة اليمنية .
لا يمكن لأحد إغفال تأثير هجمات الشهور الأخيرة على الإمارات وحرائق جدة على خيارات الدولتين، وهنا تتكون الحيرة عند الحوثيين أنصار الله وما إن كانت لغة السلام والتسوية التي اتبعها التحالف إذعانا أو أنه، وبتراجع تدخله الجوي لم يتراجع وانما نقل المعركة للمستوى الأعلى، عبر إعادة هيكلة القوة اليمنية وتجميع الفرقاء العسكريين على سبيل العقاب مقابل تلك الهجمات، حتى أن الإمارات تخلت ولو مؤقتا عن مشروع الانفصال ودفعت باتجاه دمج قوة المجلس الانتقالي في الكيان الموحد، ليبقى التساؤل هنا ما إن كانت هذه التضحية الإماراتية مثلا في سياق انجاز تسوية تنأى معها بمصالحها وشخصيتها المصانة من الهجمات، أو أنه عقاب على تلك الهجمات بتفعيل كيان عسكري منتظم فاعل وبديل لعشوائية واهتراء الشرعية.
فهل يعتمدون هنا على استراتيجية الهجمات التي يعتقدونها قربت الخليج للطاولة أم يستبعدونها بوصفها سببا مباشرا لنقل المعركة للمستوى التالي، أو تظل قيد الاستخدام بوصفها الضمانة الوحيدة للجم الدولتين أيا تكن إستراتيجيتهما؟!
هناك عالم يتغير حقا، وأيا تكن الخيارات تبقى هناك مسألة الاضطرارات التي لا يجب إغفالها..
الآن هذه فرصة بطريقة ما، فرصة تسوية إما أن نحصل على مزاياها أو إننا بصدد دورة عنف أكثر دموية وشراسة وكلفة..
التسوية العادلة والتقارب وتجنب دورة عنف تؤسس لدورات متلاحقة رهن بمدى ماقد يتمتع به اليمنيون من قدرة على الإفلات من خيارات الخليج وإيران..
ومثل ما يظن الحوثيون حالة استبعاد لأي احتمالية سلام جاد يقدمه الخليج أو يسعى لصناعته، هناك اعتقاد مقابل لدى أغلب الفاعلين اليمنيين ينفي إحتمالية تقبل الحوثي لأي تسوية عادلة، وأن السلام مشروط بضمان إستئثاره بالسلطة حصرا.
سلام اليمن يتطلب جسارة تغيير المسلمات الذهنية لدى الجميع، ونزاهة وسخاء كافيين لتقديم تنازلات موجعة ليتوقف هذا الألم اليمني المريع .