- عبده تاج
كما أنّ لكل أحد دور يؤديه في حياته أو مهنة يؤديها بإتقان، اكتشف نفسه بعد بحث عميق أنّه يستطيع بيع الصدف للآخرين، ليس تعويذة كاذبة أو خداع، بل صدفة حقيقية بإمكانك أن تراها أمامك تلمسها ثم تحدد الوقت الذي تريده لأن تحصل الصدفة وبلا شك ستحصل، صدفة لامعة تصدمك وتحقق كل الشروط لتلك الصدف النادرة المعروفة التي تحصل عليها بالمجان، بائع ككل البائعين يمتلك رخصة تجارية مسجَّلة باسم هذه السلعة النادرة، ولديها غلافاً أنيقاً، يمكنك أن تقول:
أحتاج صدفتين.. ثم تصرخ زوجتك من جوارك وتقول حتى أنا أحتاج واحدة.. هااااا وواحدة لأبي، ثم تقول له بسرعة: حسنا أحتاج أربع.. بِكم؟
تدفع له وكأنك اشتريت أي شيء بثمن وبضمانة.. بائع الصدف، رجل طيب، أحيانا إذا أتاه فقير، فإنه يتبرع له بصدفة أو نصف.. لكنه في كل الأحوال ومع كل الزبائن لا يستطيع تحديد نوع الصدفة، فقط كل تلك الأشياء التي لم تتوقعها في حياتك تحصل، أحياناً تكون جيدة وأحيانا تكون سيئة جداً.. وهذا ما يجعلها مشوقة إلى حد كبير.. رجل كانت امرأته لم تحمل فاشترى صدفة فحمل هو، وآخر نجح في الجامعة وهو لم يحضر درساً، وآخر اشترى صدفة فمات.. لأن الموت هو صدفة أيضاً.
هذه المهنة التي اكتسبها، لم يُورَثَها من أبيه ولم يتعلمها من أي أحد، فهل قد سبق وأن أحدكم سمع برجل يبيع الصُّدف من قبل؟
يقولون كثيرون إنه كان قروياً وكان يقول إن البرق يمتلك طاقة بإمكانها أن تتحول إلى شيء ينفع الإنسان، وكان يذهب لِقمَّة الجبل ويفتح يديه أمام البرق حينما تكون ممطرة، ولكن آخرون يقولون إنه كان يعمل في مقهى وبعد أن طُرد فكَّر بصناعة شيئاً جديداً وبعد تفكير قرر أن يصنع الصدف.. كيف اكتسب مهنته تساؤل سهل أمام ما هي مكونات هذا الشيء.. شيء له نكهة البازلاء، شيء رقيق ومكور بشكل دائري كأنه مسلوخ من جلد ضفادع، إن ضغطتّ عليه يمكنك أن تؤثر على حجمه، تماما كعجينة طين قاسية قليلاً، رائحته كرائحة جثة حمار متعفنة، أعين كثيرة مرصَّعة في تلك الكومة اللزجة، أعين مخيفة، ربما لغراب، ربما لفئران، ربما أعين صنعها هو، فهو قد صنع شيئاً مستحيلاً كيف لا تكون مكوناته مستحيلة.. فقط تفتح غلاف هذا الشيء وتضعه في يدك وتمشي وتنتظر صدفتك باسترخاء.. لا ليس باسترخاء فبسبب هذه الطريقة المكشوفة أناس كثيرون يعبرون خلفك، معروفون وأقارب وقطّاع طرق وسياسيون وغيرهم، يسألوك عن المكان الذي رأيت فيه بائع الصدف.. وتضطر لتجيب عن كل تساؤل وبدقة عن المكان.. ليذهبون هم للبحث وعبثا يفعلون؛ فشراء صدفة من بائع الصدف شيء يحصل بالصُّدفة.