- غادة المقطري
هي الحرب وويلاتها تستوطن دائماً كل زمان ومكان ..تستنسخ ذاتها في كل مرة حاملة معها ألمٌ وفقد ، أوجاعٌ وقهر ومعاناة متكررة.
ربما لم يدور رحاها هنا قرب منزلي أو في الحي المقابل منا أو في مدينة أخرى لا أعرفها!
ولكن لا أفرق في نتائجها أكانت قريبة أم بعيدة فصداها يحدث ضجيجاً وشق هائلاً في الروح لا يلتئم.
هي الخسائر ذاتها في كل مكان ، الأطفال الذين شوهت الحرب ملامحهم البريئة هم هنا في اليمن وفي فلسطين وفي بيروت وسوريا والعراق وغيرهم كثير يحملون ذات الألم.
الطيور التي غادرت أعشاشها هاربة من أصوات المدافع هي نفسها طيور بيروت ودمشق وصنعاء والقدس وبغداد مازالت تبحث عن الأمان تحلم وتتغني برياح العودة.
تلك المباني التي استوطنها الخراب وسكنتها الرصاص وبقايا القذائف وعلِقت بها رائحة البارود.
وتلك الأرواح والدماء التي سالت لها ذات القدسية في كل مكان وزمان.
النساء كل النساء هنّ الأشد ضعفاً وهنّ من يذقنَ مرارة الفقد والوجع والحرمان وهنّ من يدفعنَ أرواحهنَّ ثمن لهذه الحرب الملعونة.
هي من تصبح وحيدة بلا عائل أو سند ، وهي التي يتناسى العالم حقوقها التي يتغنى بها في المحافل ، لكن الحقيقة هي أن مظلوميتها مازالت حبيسة الإدراج وصوتها غائباً عن طاولة الحوار والمفاوضات…
الصورة هي وللأسف نفس الصورة في كل زمان ومكان
حتى تجار الحروب وأصحاب الفتن هم ذاتهم في كل زمان ومكان
لهم ذات النهج والعقلية ويدينون بالولاء للشيطان ذاته.
إلى متى تظل الطيور مهاجرة عن أوطانها؟
هل تظل عيوننا خائفة ترتقب الموت؟
إلى متى تظل أصواتنا حبيسة تخنقها العبرة؟
إلى متى تظل الحرب مستعمرة محاجر عيون النساء تستبدل الكحل بالدموع وتحرمهن من أبسط الحقوق؟
ها هي الحرب تخطف إبتسامة الأطفال وإشراقة النساء ؛ لا يحق لهم غير أن يكونوا ضحايا للحرب فقط.
ولكن من بين ركام الحرب وأنين المعاناة وفزع الطفولة والأحلام المسروقة سيكون الخلاص ، حتماً نحاول زرع إشراقة الأمل وعبق الحياة ونشر الحبة والسلام .