- زين العابدين الضبيبي
يتجاهلونكْ
ما كنتَ تشبههمْ
ولا همْ يشبهونكْ
وسبقتهمْ وعبرتَ
سهماً فوقَ ما عثروا بهِ
فتوثبوا سفهاً عليكَ يؤخرونكْ
يا أيها المنسي مثلَ الوردِ
تذبلُ في مزاهرِ عمركَ الكلماتُ والصرخاتُ
مطفأةٌ بوجهِ بلابل الرؤيا رؤاكَ وأنتَ ملقىً كالدموعِ وكالذنوبِ
وفوقَ أنقاضِ احتراقكَ يعبرونَ
كأنهمْ لا يبصرونكْ
وتمرُّ أنتَ محملاً بالآخرينَ
كأنَ روحكَ ملتقى المعنى
وقلبكَ مسرحُ الآتينَ
من أقصى الغيابِ
وقدْ تفتقتِ الهواجسُ
في حناجرهمْ
وإن عبروا إلى دنيا الضياءِ
تجيشوا لك يطفؤونكْ
صافحتهمْ
وفرشتَ مائدةَ الكلامِ
على تألقِ مائهمْ في اليمِ
فاتفقوا وها همْ يشربونكْ
وبعثتهمْ من كلِّ أصقاعِ الغوايةِ
قط لم تطوِ الكتابَ على مآثرهمْ
فما اختلفوا على شيءٍ
سواكَ
كأنكَ الرمحُ الأخيرُ
تُريبهم فبأي منفىً يقبرونكْ
يتجاهلونكَ أيها المنسي
في طرقِ الصدى
والمستريبُ من التأنقِ في مراياهمْ
يقيناً باحتمالاتِ المودةِ
لا ترى إلا البياضَ
تغضُ جرحكَ
إن تَقصَّدكَ الرمادي المخاتلُ
في محطاتِ انتظاركْ
ربما يتذكرونكْ
يتجاهلونكَ حين تومضُ في ظلامِ الوقتِ
يحتفلونَ بالزبدِ المريبِ
ويسرحونَ إذا تأنسنَ موجكُ العالي
وصاروا قابَ ترجيحِ اليقينَ من السُدى
وكأنهمْ لا يعرفونكْ
وإذا رحلتَ شَغلتَ خيبتهمْ
وأرقتَ الظنونَ
كأنَ طيفكَ حتْفهمْ
وحضوركَ الممتدُ
بعْدكَ كلما يطفو بذاكرةِ الحقيقةِ
همْ يخافونَ اكتمالكَ
وانبلاجكَ في هجيرِ من نواقصهمْ
وأنتَ تسيرُ في دربِ اكتمالكَ مفرداً
متشبثاً بسناكَ
لمْ تأبهْ بنقشِ خطاكْ
أو تحلمُ بتخليدِ انتصاركَ!
لست منتصراً
ولستْ تُعنى أو تفكرَ
أنهم في كل نبضٍ من هواجسهمْ
وفي خلواتهمْ يتوهمونكْ
أنتَ التداخلُ بينَ هاويتينِ
نصفكَ من بروقٍ لم يحالفها الحريقُ
ونصفكَ الثاني
مشاعٌ في مباهجهم
طرياً ربما يستشعرونكْ.
والواقفونَ بكل ناصيةٍ
من الخيباتِ
قِشاً بالردى يترصدونكْ.
……