- كتب: عبدالجبار الحاج
في هذا البلد الذي يتعرض لحرب عدوانية واحتلال من دول الجوار إمتدادا لسلسلة ثلاثة حروب كبرى تعرضت لها اليمن من جار السوء فانه من العار علينا على الأقل في مثل هذا الوضع أن نجعل من بلادنا سوقا لأرداء انواع المعلبات والعصائر والبسكويتات التي تجتاح الاسواق اذ نحن في غنى عنها، فضلا عن ما تحمله تلك المعلبات البلاستيكية من مخاطر صحية لابنائنا ..
وعلى الأخص في بلد كاليمن ينتج أجود أنواع الفواكه والخضروات وقادر بأيسر الإمكانيات على إنتاج أجود انواع العصائر وتصديرها وليس العكس ..
زيادة على مخاطر الجائحة الصحية الناتجة عن تناول تلك المعلبات الر فان خطر أكبر وأشد يضرب الاقتصاد بان تتحول كل منافذ البلاد إلى معابر تهريب لمعلبات العدو السامة ..
تكتظ المخازن والمولات التجارية بمنتجات ومعلبات الصناعة التحويلية القادمة من بلاد العدوان بما لايقل عن 90% من تلك المقرطسات المعروضة في السوق ومكتوب عليها صنع في الإمارات ..وصنع في السعودية .. !!!
أي إدارة اقتصادية عدوانية تنهبنا وتخضعنا لإستهلاكيات دول الحرب والاحتلال وتحكمنا وتجرعنا شوكلاتة من معامل تعليب دول العدوان وعصائره الكريهة الطعم والرائحة ومنتهية الصلاحيات ..
في معظم الأحوال تحتل المواد الاستهلاكية منتهية الصلاحية النسبة الأعلى من بين المبيعات .. سيقال أن غياب الضمير لدى طبقة تجارة التهريب ومزاجية كبار التجار في ترويج منتجات العدو هي الفاعل الأول الرئيسي .. نعم، لكن الحقيقة أن صفرية الحساسية الوطنية لدى الأجهزة الرقابية والوازارت المختصة المخولة بحماية الصناعة والتجارة والتموين والسياسات المالية ووجهة البلاد الاقتصادية ودورها .. تصبح فيها هذه المنتجات التي أقل ما تتصف به هي الرداءة وأكثرها سامة هي جزء من آلاف الأجزاء في حقيقة المشكلة وجزء من الاف الاجزاء نحو حل جذري أشمل .. ولتكن الحملات بداية ولكن لاتنتهي بانتهاء أسبوع الحملة وليعاد النظر كل يوم في طبيعة وحقيقة المشكلة من اعلى المستويات في راس الحكومات الى ادنى المستويات في المكاتب الحكومية ..
طغت السوق السوداء على أسواق التجارة في اليمن وشاعت على التجارة في مجالاتها المختلفة في ظل غياب شامل للدولة ..غابت الدولة غيابا مطلقا عن الدور المنوط بها حماية مواطنيها ومنذ أن تخلت عن دورها في هذا الميدان المرتبط بحاجيات المواطنيين الضرورية في الغذاء والدواء والوقود تعرض الاقتصاد العام للتصفية وتعرض الاقتصاد الخاص ذو الاتجاه الوطني لكوابح مانعة لتطوره ومهددة لبقائه .
عندما تخلت الدولة عن دورها في التجارة الداخلية والخارجية على حد سواء.. الأدوية مهربة الغذاء فاسد وحتى الوقود على علنية ودوام سوقها السوداء لم تخل من الغش .
من يراهن على ضمير التاجر إلا مسؤول فاسد يغطي فساده بضمير تاجر كلاهما أفسد من بعض.. من يراهن على هكذا حكومات وسياسات لا موجهات ولا اتجاهات ولا هم يفكرون ولا في حسابهم انسان من بين أكثر من ثلاثين مليون ..
…….
عندما توقفت أمام حملة مكتب التجارة والصناعة بتعز منذ أيام من خلال وتحت عنوان الحملة الميدانية الشاملة للرقابة على الأسعار وضبط التجار المتلاعبين بالمواد الغذائية والإستهلاكية برئاسة مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة عبد الهادي ردمان و بمشاركة فرق العمل الميدانية التابعة لمكتب الصناعة . كان علي أن أتناول هذا الاجراء أو الحملة بإيجابيتها على محدودية نطاقها .. كان من الاولى هنا التعاطي مع الموضوع من زاوية منظور أعم وأشمل وسيكون لزاما علينا التناول من خلال التوقف أمام أسئلة تتعدى الحملة إلى ما قبلها وما بعدها وصولا إلى السؤال الأبرز ..
أي إجراء من هذا النوع مالم يكن اجراء شاملا ..
مالم يبداء من اعلى المستويات الرسمية …
اي اجراء مالم يبداء بكبار المهربين المستوردين وقد زال الفارق هنا مابين المهرب والمستورد فصارا بعضهما من بعض .
على أنني لا أفرغ الحملة مما هو إيجابي لكن لابد من وضع الجهات الحكومية العليا أمام دورها ومسؤليتها وهي الجهات العليا التي باتت ليس في حكم المتهاون في أقل واجباتها الاجرائية والضبطية بل باتت في حكم المسلم والمسير لسياسات العدو الاقتصادية المستبيحة بلادنا وشعبنا يذبح اقتصاديا و معيشيا على مرأي ومسمع من مزعوم حكومات بات التحرر منها ملازما للتحرر من الاحتلال العدواني ..
اليس كذلك ؟
…..
سيقودنا الحديث المواكب لحملات الضبط إلى البحث عن حل للمشكلة يحررنا من عبث التجارة السوداء في اليمن ..
للمشكلة جذرها وللحل بذرته الاولى..
من أجل العودة لحل لمشكلة التجارة وأسواقها وقوائمها السوداء والصناعة وتراجعها في القطاع الخاص وتصفيتها في القطاع العام لابد لنا من الوقوف على المشكلة الاقتصادية بكل تفرعاتها في السياسة الاقتصادية التموينية والتجارية والصناعية والمالية في مستنقعنا التجاري الراهن وفي الموقف الجذري من سياسات الخصخصة وعن ومن تخلي الدولة عن كامل أدوارها في هذه المجالات .
…..
لنعد إلى الخمسينات او قل تحديدا الى الستينات والسبعينات والتسعينات ولنعد إلى أزمنة السياسات الاقتصادية الوطنية المتجهة نحو الاكتفاء الذاتي واتجاهات الدولة في إرساء مداميك الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز دور القطاع العام قُبيل مؤامرة تصفيته منذ منتصف التسعينات .
ولنعد إلى السياسات الاقتصادية في ظل دور القطاع العام الفاعل منها وفي عهودها وفتراتها المتحررة من التبعية في مسارين إثنين في ظل سياسات حكومة الثورة في جمهورية اليمن الديمقراطية وفي ظل سنوات خالد الذكر الشهيد الرئيس الحمدي .
ولنعد إلى سياسات التبعية والخصخصة وما خلفته من تصفيات نهبوية وخصخصة و دمار …….
4/12/2020
يتبع ..