- كتب: وافي الجرادي
إن وجود نظام مصرفي موحد وفاعل في كل مناطق اليمن يمثل مصلحة وطنية عليا لكل مواطن يمني ويعد ضرورة ملحة لاستعادة السيطرة على السياسات النقدية والمصرفية والتأثير الإيجابي على مؤشرات السيولة النقدية والمصرفية وسعر الصرف ومعدل التضخم وفتح الاعتمادات المستندية لمستوردي السلع الغذائية الاساسية والوقود، وصرف مرتبات موظفي الدولة ب انتظام من أجل التخفيف من حدة الازمة الإنسانية في البلاد.
لكن وللأسف بات القطاع المصرفي مكبلاً بالكثير من القيود والتحديات المستجدة أبرزها انقسام السياسة النقدية وأزمة السيولة النقدية التي تركت قرابة 65% من إجمالي الأصول البنوك خارج سيطرتها وحرموا المودعين من سحب ودائعهم المودعة قبل 2016 وظهرت ازمة ثقة واسعة النطاق بين المودعين والبنوك وبين البنوك والبنك المركزي وبين النظام المصرفي اليمني والنظام المالي العالمي ناهيك عن صعوبة نقل العملات وإجراءات التحويلات داخل اليمن وخارجه،
وبالنتيجة أصبح القطاع المصرفي يكافح من أجل البقاء ويعيش على أمل توصل أطراف الصراع لتسوية اقتصادية تعيد اللحمة للسلطة النقدية لتمارس مهامها بحيادية واستقلالية تامة في كافة مناطق البلاد وفتح قنوات تواصل مع النظام المالي الدولي ورفع اموال البنك المركزي المجمدة وأموال البنوك التجارية والإسلامية .
لقد ترك الانقسام المصرفي ولا يزال يترك اثاراً سلبياً على القطاع المصرفي تمثلت في غياب قاعدة بيانات شاملة وشفافة للتطورات المصرفية والنقدية وصعوبة اتخاذ وتنفيذ القرارات والإجراءات النقدية وإرباك البنوك بتعليمات سلطتين نقديتين غير منسجمتين وحرمانها من الالتزامات المالية وفقدانها للكثير من وظائفها وتمكين النشاط المصرفي الغير رسمي من التحكم والسيطرة على نسبة كبيرة من العمليات المالية والتمويل وغياب الرقابة والشفافة على اداء عمل هذه النشاط الغير رسمي والمنذر بمخاطر جمة ناهيك عن تضاعف حجم المعاناة الانسانية لدى اليمنيين كافة جراء تدهور قيمة الريال وارتفاع كلفه الواردات وكلفة العمولات للحوالات بين مناطق طرفي الصراع ، وحرم قرابة 1.2 مليون موظف يمني بلا رواتب وساهم هذا الانقسام في تردي وانهيار الريال اليمني ، وبقاء موارد الدولة معطلة وعلى رأسها النفط والغاز ، الى جانب التضييق وخنق القطاع الخاص بالمزيد من الاجراءات وارتفاع كلفه الواردات وأسوأ ما نجم عنه هو إتاحة المجال للقطاع المالي الغير رسمي بالتوسع والانتشار الكبير فقد باتت معظم اعمال الصيرفة والتحويلات والتمويل تتم عبر شبكات وشركات صرافه وغالبيتها تعمل دون ترخيص فبعد عامين فقط من بدء الحرب ووفقاً لنشره المستجدات الصدارة عن وزاره التخطيط والتعاون الدولي ( نشرة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية ، 2017) فإن عدد مكاتب وشركات الصرافة بلغ 1421 مكتب وشركة صرافة منها (800) غير مرخصة.
هذا ويرى مراقبون أن العدد بات يفوق 3000 مكتب وشركة صرافة وقرابة 65% تعمل دون ترخيص، وهذا الانتشار ينم على أن اليمن بات سوقاً رائجة لأعمال غير قانونيه فقد تساهم هذه الشبكات في ممارسة عمليات غسيل أموال وتهريب الأموال الى الخارج، إلى جانب ان المليارات تجد التسهيلات الآمنة للخروج من البلد الى الاسواق الأجنبية بفعل هذه الشبكات، وغياب السلطة النقدية الفاعلة في البلاد .. ليتم إفراغ اليمن من المليارات كان بالإمكان الاستفادة منها لو لم يتم خروجها عبر هذه الشبكات الغير رسمية والخارجة عن القانون .
ما يجب ان نؤكد عليه هو أن حال القطاع المصرفي في اليمن صعب للغاية، وبإستمرارية الحرب والانقسام المصرفي فانه يدفع المزيد من التكاليف الباهظة والمكلفة على أثر الحرب وازدواجية السياسات المتخذة من قبل البنكين في صنعاء وعدن، ومن الضروري واللازم فعله وكمسؤولية أخلاقية وإنسانية من طرفي الصراع والأطراف الفاعلة في الحرب اليمنية، أن يتم الاسراع في إيجاد بنك مركزي موحد تورد إليه كافة الإيرادات ويمارس مهامه وباستقلالية تامة ودون استخدام الموارد كتكتيك حربي كما هو وارد الآن من طرفي الصراع .. حتى يتم تحسين استخدام موارد الدولة المالية وتفعيل السياسة النقدية والمالية وانهاء العزلة المالية الدولية للبنك المركزي وللبنوك التجارية والإسلامية اليمنية، ودفع مرتبات موظفي الدولة والتخفيف من الأزمة الانسانية في البلاد، وتحسين قيمه الريال وخفض معدلات التضخم والفقر والبطالة إلى جانب إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، ومعالجة إشكالياته ، والتحسين من أداءه ووضع حد لتفشي شبكات الصرافة الغير مرخصة، ويجب العمل لتحقيق كل ما سبق هو إيجاد بنك مركزي موحد لكل اليمنيين يحكم سيطرته وسياساته ويؤدي مهامه على كل شبر في البلاد دون ذلك سنرى المزيد من الاختلالات في أسواق الصرف وارتفاع كلفة السلع والخدمات وتضاعف معدلات الفقر والبطالة وامكانيات القضاء على ما تبقى من القطاع الخاص واحتمالية افلاس بنوك .
صحفي وباحث اقتصادي