بنيت السفينة كناقلة نفط عملاقة في اليابان عام 1976 بحمولة ساكنة حوالي 407 ألف طن وكانت تسمى حينها Esso Japan (إيسو جابان). بعد النجاح في اكتشاف النفط في اليمن تم شراؤها من قبل الحكومة اليمنية وتحويلها إلى الخزان العائم “صافر” Floating Storage and Offloading “FSO SAFER” في أولسان كوريا ULSAN KOREA ثم تم قطرها وتثبيتها على مسافة حوالي 8 كم في البحر قبالة منطقة راس عيسى (الحديدة) في البحر الأحمر في منطقة يبلغ عمق البحر فيها إلى 40 متراً. وتم ربطها بخط أنبوب يمتد عبر الصحاري والجبال من حقول النفط في مأرب على بعد حوالي 430 كيلومتر. كان ذلك في العام 1986. وأصبحت منذ ذلك الوقت حتى اندلاع الحرب في مارس 2015 تستقبل على مدار الساعة النفط الخام المتدفق من حقول مأرب عبر خط الأنبوب ويتم تخزينه في خزاناتها البالغة 34 خزانا بسعة إجمالية حوالي 3 مليون برميل ثم يتم ضخ النفط الخام منها إلى ناقلات النفط المختلفة إلى كل بقاع العالم التي تأتي إلى الميناء النفطي “صافر” حسب جدولٍ محدد بالإتفاق مع وزارة النفط والشركاء الآخرين .
منذ ذلك الحين لم يتم إدخال الخزان العائم “صافر” للصيانة في أحواض السفن وذلك لصعوبة ذلك وتكلفته المادية وما سينجم عن ذلك من توقف لتصدير النفط اليمني علماً بأن كل ناقلات النفط المبحرة ملزمة بفعل ذلك مرتين كل خمس سنوات. ولهذا السبب كان لزاماً على الشركة المشغلة (شركة هنت الأمريكية حتى 2005 ثم شركة “صافر”الوطنية) أن تعوض ذلك ببرنامج صيانة قاسٍ ومكلف على أعلى المستويات وذلك بالتعاقد مع الشركات المتخصصة في صيانة معدات الخزان العائم من غلايات وتوربينات ومضخات وأنظمة عدادات وغيرها والإنفاق بسخاء على قطع الغيار من مصادرها الأصلية واستقطاب أفضل الخبرات الأجنبية وأفضل الكوادر اليمنية تأهيلاً والحفاظ على تأهيلهم وتحديثهم المستمر خصوصاً وأن الخزان العائم “صافر” ظل محتفظاً بشهاداته الصادرة من المكتب الأمريكي للتصنيف American Bureau of Shipping ABS والذي يعد من أكثر مكاتب التصنيف العالمية حرصاً على ضمان أن تكون كافة معدات الخزان العائم وكوادره فوق مستوى معين من الجودة (وفق قوانين عالمية متفق عليها لهكذا منشآت) لا يسمح بالنزول عنه حتى يتمكن من تعميد الشهادات سنويا وتجديدها كل خمس سنوات. توقف ذلك كله منذ اندلاع الحرب في 2015.”
الحقيقة .. لا تزال ناقلة النفط اليمنية “صافر” هناك، وتشكل اليوم “قنبلة موقوتة عائمة”، ترسو قبالة ميناء راس عيسى في الحديدة (غربي اليمن) بلا صيانة.. تواجه خطر الإنفجار بحمولتها المقدرة بنحو 1 مليون برميل من النفط الخام (ما يقارب 150.000 ألف طن)، بعدما تعرض هيكلها الحديدي للتآكل، ما تسبب بتسرب مياه البحر إلى غرفة محركاتها.
ووفقاً للتقديرات سيحتاج اليمن – في حال وقوع التسرب النفطي – إلى معالجة أضرار كارثة وتلوث بحري لفترة زمنية قد تزيد عن 30 سنة قادمة.
وإليكم بالأرقام الكلفة البيئية والاقتصادية في حال انفجار الناقلة “صافر” أو في حال وقوع تسرب للزيت الخام، وفق تقرير أعدته مبادرة “حلم أخضر” المعنية بقضايا البيئة في اليمن:
-115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي وستخسر موائلها الطبيعية.
-126 ألف صياد يمني سيفقد مصدر دخله بمناطق الصيد اليدوي.
-67 ألف و800 صياد في محافظة الحديدة سيفقد مصدر دخله الوحيد جراء هذه الكارثة.
-148 جمعية سمكية تعاونية للصيادين اليمنيين ستتوقف عن العمل.
-850 ألف طن من المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية سيتعرض لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
-969 أنواع من الأسماك (الأسماك الساحلية وأسماك الأعماق) في المياه اليمنية ستقتلها بقع النفط الخام المتسربة.
-300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي من المياه اليمنية جراء تسرب النفط الخام لعدم وصول الأكسجين والشمس إليها.
-139 نوعاً من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية ستختنق ببقع الزيت الخام.
ويشير الأستاذ عبدالباري طاهر بالقول:”أن “صافر” اليوم ربما أخطر من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت والخطيئة الكبرى أن خطرها سوف يطال البر اليمني وعدة دول والملاحة والثروة السمكية والأحياء ومع ذلك لا أحد يهتم”.
باختصار.. يمكننا حقيقة تفادي الكارثة ..
ولكن يظل السؤال قائما هنا:
لماذا لا نفعل ؟!