- يحيى الحمادي
قَصيدةٌ بَعدَ أُخرَى.. ما الذي اتَّضَحَا؟!
هل أُغلِقَ البابُ في وَجهِي؟! هل انفَتَحَا؟!
وَقَفتُ أَسأَلُ نَفسِي؛ غَيرَ مُنتَظِرٍ
إِجابَةً.. لِسُؤالٍ نَفسَهُ طَرَحَا
كَثيرةٌ مُوجِعَاتِي.. كُلُّ واحدةٍ
لها على القَلبِ كَفَّا جائعٍ ورَحَى
رُدِّي عَلَيَّ غِطائِي يا رِياحُ.. ويا
مَدِينَةَ اللَّيلِ زِيدِي سُمرَتِي كَلَحَا
لَقَد تَبَدَّيتُ حتى صِرتُ أَعثُرُ بِي
وقَد تَخَفَّيتُ حتى لَم أَعُد شَبَحا
وقَد تَخَلَّيتُ حتى عَن نَصِيبِ فَمِي
مِن السَّرَابِ، ومِمَّا عَزَّ أَو سَنَحَا
وها أَنا -رُغمَ ما بِي- ما أَزَالُ على
أَسَى المَلايينِ أَذرُو أَدمُعِي سُبَحا
يا أَيُّها النَّاسُ مُوتُوا في مَنَازِلِكُم
إِنِّي امتَلَأتُ قُبُورًا كَيلُها طَفَحَا
ما فِكرَةٌ في خَيَالِي بِتُّ أَعصِرُها
لِلسَّطرِ.. إِلَّا بِشِبرٍ مِن دَمٍ نَضَحا
أَصُوغُها ودُمُوعِي مِلءُ حنجرَتِي
فَيَحسَبُ النَّاسُ أَنِّي أَفصَحُ الفُصَحَا
ويَسأَلُونَ: وماذا يَعتَرِيكَ إِذا
كَتَبتَهَا؟! يَعتَرِينِي حُزنُ مَن نَجَحَا
فَفِي زَمَانٍ كهذا لا عَزَاءَ لِمَن
بَكَى أَسَى النَّاسِ، أَو مَن بِالأَسَى اتَّشَحا
وفي بِلادٍ كهذي أَن تَحِنَّ إِلى الــ
ــسَّماءِ أَهْوَنُ مِن أَن تَبلُغَ الفَرَحَا
يا شِعرُ.. يا صَوتَ رُوحِي كُلَّما انكَسَرَت
على الرَّصِيفِ.. ويا مَن سَيرَها كَبَحَا
حتى متى أَنتَ حَظِّي في الحَيَاةِ مِن الــ
حَيَاةِ والمَوتِ، قُل لي مَن بِذا سَمَحَا؟!
مِن حَقِّ مَن كانَ مِثلِي أَن يَعُودَ إِلى
بَيتٍ مِن الشِّعرِ.. بَيتٍ لَيسَ مُصطَلَحَا
مِن حَقِّهِ حِين يَشقَى أَن تَكُونَ لهُ
أُنثَى تُغَطِّيهِ لَيلًا إِن غَفَا وصَحَا
ويا جِرَاحُ اهجُرينِي.. إِنَّ أَخوَفَ ما
أَخافُهُ مِنكِ: أَنِّي كُنتُ مَن جَرَحَا
أَنا الذي نَابَ عَنها مُنذُ أَن خُلِقَت
هذي البِلادُ.. ومُنذُ اعتَادَتِ التَّرَحَا
إِذا تَنَاسَيتُ يَومًا حَالَها انتَحَبَت
كَأَنَّها مِن عَذَابِي تَنشُدُ المَرَحَا!
وما أَنا في هَوَاها غَير مُغتَرِبٍ
على ثَرَاها، مُقِيمٍ عَيشُهُ نَزَحَا
ولَم أَزَل بِاغتِرَابي مُمسِكًا يَدَها
كَأَنَّ بُعدِي وقُربِي حَولَها اصطَلَحا
كَم احتِمَالٍ تَلَاشَى كالدُّخَانِ.. وكَم
غَدٍ تَنَاسَى وُعُودِي فامَّحَى ومَحَا!
وكَم حَنِينٍ نَفَانِي بَينَ أَربَعَةٍ
مُمَزَّقَ الرُّوحِ! كَم مِن جاهِلٍ نَصَحَا!
وكَم سَمِعتُ اقتِرَاحًا.. لَامَنِي ونَأَى
ولَستُ واللهِ أَدرِي ما الذي اقتَرَحَا!
مَن غَيرُهُ الحُزنُ يُمسِي عاصِرًا مُقَلِي
وكُلَّما قُلتُ: يَكفِي.. زادَنِي قَدَحَا
…………….
- يوليو – 2018