- عبدالرحمن بجاش
قلت : مارادونا مات ، يا حزني ..
قال : ياراجل بطل ، هو مجرد ” لعاب ” !! كرة ..
هنا يبرز أمامي تعبير ” اليمن السافل ” فورا ..
ومن هنا تبدأ الحكاية …
كثيرين وبالذات من نتهمهم بالثقافة ،ينظرون إلى الكرة من زاوية الحرمان من اللعب أطفالا بدعوى أن ” اللعب عيب ” ..!!! وحق السراسرة ، وأيضا لايعرفون معنى ” سرسري” وهي كلمة تركية تعني مقدمي أو مشرف السوق ….
كرة القدم لعبة شعبية أو بالاحرى لعبة ” إنسانية ” لا تعرف صغيرا ولا كبيرا ، ولا أسود ولا أبيض …
هناك من يلعبها ” كرة شراب ” وهناك من يكوم أي شيء ويلعب ..وهناك كرة المونديال والتي تتنافس على صنعها مصانع الشركات الكبرى ، ليس بهدف الربح من أموال “الفيفا” ، بل للشرف الذي ما بعده شرف في أن تصنع كرة تتقاذفها الأرجل الماسية !!..
هنا يكون السؤال : كم من البشر يتابعون المونديال مباشرة من الميادين ؟؟ ومن على الشاشة كم مليار يشاهدون ؟؟..
هناك يبدعون ، وهنا في عالمنا الجاهل والمتخلف تسيس الكرة وتحولها الأنظمة إلى ملهاة للبشر!!!! …
هناك يظهرون جواهرهم ، وهنا تظهر عوراتنا !!! ويتقاسم الأمراء في دول النفط اللاعبين كما يتقاسمون الخيول !! وكل له اسطبل خيول للتباهي !!!!…
مارادونا ….
إذا كان بيليه جوهرة سوداء من البرازيل لمع بريقها إلى كل الكون ، فمارادونا جوهرة الارجنتين البيضاء ،بريق وصل سناه الى العالم …
مارادونا ،بيليه ، بيكنباور، رومينيجه ، دي ستيفانو، بوشكاش ، سقراط ، زيكو ، زيدان ، الخطيب ، محمد صلاح ، روسي ، رونالدو البرازيلي ،رونالدو البرتغالي ، رونالدينيهو ، ميسي ،سواريز، محمد الجهمي ، التيمومي ، كرويف ، عبد العزيز القاضي وكم وكم من المبدعين أثبتوا للعالم أن كرة القدم فن راق من الفنون التي تجمع العالم كالموسيقى لغة كونية …وانظر فمعظم لاعبي العالم الكبار جاؤوا من الحواري الخلفية ليثبتوا ذاتهم !!! وليقولوا للعالم المتعجرف : نحن هنا …هل سمعتم بلاعب والده من المليارديرات ؟!!!
مارادونا … لازالت ملاعب العالم تحتفظ بهتاف الجماهير الجماهير لقدميه وكرته العذبة على الكراسي وتحتها ، على المستطيل الأخضر وفي العالم كله اسمه يتردد على كل لسان وبصدق …
مارادونا انحاز إلى الفقراء ، إلى الشوارع التي أتى منها وبيوت الصفيح …وصار مثلا للفقراء ، كما هو جيفارا الطبيب الأرجنتيني الذي قاتل على جبهة العالم أيضا من جبال ” سييرا مايسترا” إلى الكونغو الى بوليفيا ” كان العالم بالنسبة له ملعب انساني ،حيثما وجد الظلم والقهر حاربهما متخطيا الحدود ، ولا يزال نموذجا ملهما فقراء العالم وثائريه …..
وانظر فالكرة والموسيقى والرقص تبدع فيهم أمريكا اللاتينية ،حين يتهادى جسدها على دقة أوتار الجيتار، ترقص ،وترقص العالم معها ، أليس الرقص أيضا لغة جسد العالم ، وهكذا رقص مارادونا وقبله بيليه ،وجارانتشيا ، وريفيلينو انفاس العالم و” جوووووووووووووول ” ….فتقف الكرة الأرضية على رجلين تماهيا مع اللعبة الحلوة ،والترقيص الأجمل ،والتهديف في الزاوية البعيدة…
مارادونا كما بيليه ،كانا لايلعبان , بل يعزفان … فيروزوهي جوهرة عالمية ثالثة قالت عندما سألوها : هل تغني ؟ قالت : ” أنا لا أغني ،أنا أصلي ” ، الإبداع كل لايتجزأ ..يتخطى الحدود والعقد الشخصية ، ولاعلاقة له بالعنصرية ….
إذا كان بيليه قد عزف على أربعة أوتار، فقد أضاف وعزف مارادونا مثل زرياب على الوتر الخامس …..
أن يكون مارادونا صديق لذلك العظيم كاسترو ، يعني الأمر كثيرا لكل من يحلم بعالم جميل يسوده العدل ..كاسترو الذي ظل قريبا من سواحل ميامي يعلم العالم كيف يكون الثوري نزيها ….كاسترو أحتضن مارادونا ،وهناك تشافيز من فنزويلا أحتضنه هو الآخر،كونه يمثل لغة الفقراء في العالم كله ….
أن تعلن الارجنتين الحداد ثلاثة أيام ،فليس بالأمر العبثي ….مارادونا وايفا براون مقدسين لدى الأرجنتينيين …والعرب مشغولين ب” هل يجوز الترحم عليه ” !!!!
العالم في واد ونحن في واد لوحدنا !!!!، وصدق من قال ” العالم يخترع ونحن نبترع ” !!!!
مارادونا جوهرة العالم البيضاء وداعا …
لله الأمر من قبل ومن بعد .