


حصل الباحث عيبان محمد عبدالرحمن السامعي على درجة الماجستير في علم الاجتماع بتقدير امتياز من جامعة تعز، وذلك عن رسالته الموسومة بـ “تمثّلات طلبة جامعة تعز عن تأثير الحرب في الهُوية الوطنية اليمنية: دراسة سوسيولوجية للفترة (2015 – 2024)”.
وأشادت لجنة المناقشة – التي ضمّت نخبة من الأكاديميين – بالقيمة العلمية والأصالة البحثية للدراسة، ووصفتها بأنها “واحدة من الرسائل النوعية التي تتسم بالجدة والتميز”، مؤكدةً أنها تتناول موضوعاً نادراً وحيوياً في حقل الدراسات السوسيولوجية اليمنية.
توصية بالطباعة والتداول
وفي خطوة تعكس القيمة الأكاديمية للبحث، أوصت اللجنة بطباعة الرسالة وتداولها بين الجامعات لما تقدمه من معطيات علمية مهمة حول إحدى القضايا المرتبطة جوهرياً بالواقع اليمني المعاصر.
وتكوّنت لجنة المناقشة من:
الأستاذ الدكتور عادل مجاهد الشرجبي – أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء (رئيساً ومناقشاً خارجياً)
أستاذ مشارك د. عمر إسحاق (عضواً ومناقشاً داخلياً)
أستاذ مشارك د. ياسر الصلوي (عضواً ومشرفاً علمياً)
دراسة من قلب الحدث
تميّزت الدراسة بارتباطها المباشر بسياق الحرب المستمرة منذ عام 2015، ما أتاح للباحث الحصول على معطيات حيّة من واقع التجربة. وقد استطلع الباحث آراء طلبة الجامعة حول تأثير الصراع على الهُوية الوطنية اليمنية معتمداً منهجية بحثية متقدمة جمعت بين المنهج التاريخي والوصفي التحليلي والمقارن.
واستخدم الباحث أداتين لجمع البيانات:
استبانة لـ 453 طالباً وطالبة من مرحلة البكالوريوس
مقابلات معمّقة مع 25 طالب دراسات عليا
وهو ما وفّر تكاملاً بين التحليلين الكمي والكيفي.
نتائج تكشف مفارقات الهوية
أظهرت الدراسة وعياً مرتفعاً لدى الطلبة بتأثير الحرب المدمّر على الهُوية الوطنية، مع بروز مفارقة لافتة تمثّلت في ارتفاع مستوى الانتماء للوطن مقابل انخفاض الولاء للدولة، بما يشير إلى فجوة بين الهُوية كقيمة رمزية والدولة كبنية مؤسسية متهالكة.
وأوضحت النتائج أن الحرب خلقت تأثيراً مزدوجاً:
تعميق الانقسامات وإضعاف الروابط الثقافية والثقة بالمؤسسات
وفي المقابل تعزيز الوعي بأهمية التمسك بالهُوية الوطنية كآلية دفاعية
كما تبيّن وجود عوامل أساسية ساهمت في إضعاف الهُوية الوطنية، أبرزها التدخلات الخارجية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتراجع هيبة الدولة.
تسييس الهُويات الفرعية
وكشفت الدراسة عن تنامي الهُويات الفرعية الطائفية والمناطقية والقبلية بفعل الحرب، وتسييسها على حساب الهُوية الوطنية الجامعة، بالتزامن مع تراجع دور المؤسسات التعليمية والثقافية. وأوضح الباحث أن أطراف الصراع تعيد تشكيل الوعي الجمعي من خلال آليات تصنيف هُوياتي من نوع “نحن” مقابل “هم”، وتلجأ إلى تغليف الصراع السياسي بطابع ديني أو طائفي أو مناطقي بهدف التحشيد.
تفاؤل مشروط بإعادة البناء
ورغم قتامة الواقع، حملت الدراسة تمثّلات إيجابية حول مستقبل الهُوية الوطنية، لكنها بقيت مشروطة بإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية، ووقف الحرب، وتحقيق مصالحة وطنية شاملة.
رؤية إصلاحية بخمسة مسارات
وقدّم الباحث سلسلة توصيات على خمسة مستويات، شملت:
سياسياً: وقف الحرب، المصالحة الوطنية، نزع سلاح الجماعات المسلحة
اقتصادياً: خطة إنقاذ وطني ومكافحة الفساد وتحسين المعيشة
اجتماعياً: تعزيز الوعي الوطني ودعم سياسات الإدماج الاجتماعي
ثقافياً: إصلاح النظام التعليمي وبناء خطاب وطني ديمقراطي
بحثياً: تشجيع المزيد من الدراسات حول الهُوية الوطنية اليمنية
إهداء إلى رمز العقل والنقد
وأهدى الباحث دراسته إلى روح المفكّر والفيلسوف الراحل الدكتور أبوبكر السقاف (1934 – 2022)، تقديراً لدوره في ترسيخ التفكير النقدي والدفاع عن الحرية والحداثة. وجاء الإهداء تعبيراً عن امتنان الباحث وتأثره بإرث السقاف المعرفي والإنساني.





