- بقلم: د. حمود العودي
بالمختصر المفيد: ظل نتنياهو يتبجح ليل نهار منذ ما بعد معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م وحتى البارحة، بأنه سيصنع التاريخ الجديد من خلال تغيير وجه الشرق، والقضاء المطلق على حماس، واسترداد أسرَاه بالقوة، وترحيل أكثر من مليونين ونصف فلسطيني من غزة إلى المجهول، ومحو فكرة الشعب الفلسطيني من ذاكرة التاريخ، وتحقيق حلم إسرائيل بأرض الميعاد من الفرات إلى النيل، وكان معه في صبيحة السابع من أكتوبر أقوى قوة في العالم – كما يقولون – بل والعالم كله الذي تسابق إلى تل أبيب في صبيحة ذلك اليوم كأسراب نسور وغربان الجيف إلى أكلتها، بما فيهم زبانية التطبيع في النظام السياسي العربي الرديء، عويلاً على ما حدث وتوعداً بما سيحدث من غالي الثمن.
وبعد ما يزيد على سبعمائة يوم من حرب نتنياهو بقوة أمريكا والعالم كله على حماس وفصائل الجهاد في غزة، ومعجزة صمودها الأسطوري في وجه قوة العالم ووحشية القبح والمذابح الصهيونية غير المسبوقة في التاريخ المنظور، تنتهي أحلام نتنياهو لا إلى الفشل والهزيمة فحسب، بل وإلى تعرية الوجه القبيح للصهيونية الذي زيفته أمام العالم على مدى سبعة عقود من الزمن، فلا هو استرد أسرَاه بالقوة، ولا أنهى وجود حماس من على وجه الأرض، ولا رحّل أهل غزة من أرضهم إلى المجهول، ولا ألغى قضية الشعب الفلسطيني من جغرافيا الأرض وذاكرة التاريخ، أو حقق خرافة أرض إسرائيل من الفرات إلى النيل، بل وكشف عن وجهه الصهيوني القبيح والمتوحش على مدى عقود أمام العالم.
أما الشعب الفلسطيني ونموذجه الأشرف والأنقى حماس والفصائل، فهي التي بصمودها الأسطوري وثبات إيمانها بحق شعبها المشروع على أرضه، فهي التي تصنع اليوم التاريخ الجديد للمنطقة والأمة والعالم كله بالوقائع والحيثيات التالية:
1. معركة السابع من أكتوبر 2023م بعظمة تخطيطها وتقنياتها التي اخترقت كل دعاوى التفوق العسكري الذي لا يُقهر – كما يقولون – والمخابراتي الذي لا تخفى عليه خافية، والذي برز بليداً أمام عقلية المخطط والمنفذ الشهيد يحيى السنوار ورفاقه.
2. ثبات القوة العسكرية والمعنوية الإيمانية لحماس من جهة، والإدارية والتنظيمية للقطاع من جهة ثانية، وثبات واتزان الخطاب السياسي للداخل والخارج من جهة ثالثة، والحيلولة دون اختراق العدو لعمق قيادتها وصنع قرارها رغم عظمة التضحية وجرم الإبادة.
3. الأهم من كل هذا وذاك أن حماس والمقاومة قد أعادت قضية الشعب الفلسطيني من موتها السريري الطويل إلى كامل قوتها الحية، وجعلت من شرعية الدولة الفلسطينية محل إجماع واعتراف عالمي غير قابل للتشكيك وغير مسبوق.
4. عرّت حماس والمقاومة الوجه القبيح للاحتلال والصهيونية في أقل من عامين، مما ظلت تخدع به العالم على مدى سبعة عقود، ومن جهة أخرى حوّلت الرأي العام العالمي وساسته إلى أنصار للقضية الفلسطينية وفاعلين على الأرض معها، جدلاً على العكس مما كان قبل (7) أكتوبر 2023م.
5. أثبتت حماس والمقاومة الفلسطينية أنها بحق التعبير العميق والصادق عن روح الأمة وضميرها وعزتها وكرامتها، التي أضاعها النظام السياسي العربي الرديء، والذي عليه أن يتعلم منها كيف يصنع حاضراً ومستقبلاً يليق بتاريخ ومكانة هذه الأمة العربية والإسلامية.
وختاماً.. من هو الذي يصنع التاريخ ويغيّر وجه الشرق والغرب؟
هل شعب الجبارين والأنصار في فلسطين، أم قتلة الأنبياء وأذيال الاستعمار قديماً وحديثاً من آل صهيون؟!
أجيبوا يا حثالة المطبعين، واستبشروا يا دعاة وجند النصر المبين.