• كتب: أيمن محرم
تزوجت أسماء (30 عامًا)، وهي في الثالث والعشرين من العمر. وخلال سبعة أعوام صارت أم لثلاثة أطفال.
تقول أسماء (اسم مستعار): بعد إنجابها ثلاثة أطفال ذكور كبرت المصاريف اليومية للأسرة أكبر من طاقتهم، خاصة وأن زوجها يعمل بالأجر اليومي غير المستقر.. وعلى إثر ذلك قررت أن تستخدم حبوب منع الحمل بعد التشاور مع زوجها لإيقاف الإنجاب ولو مؤقتًا.
تضيف بحسرة: لعدم قدرتنا على توفير متطلبات أطفالنا وكذلك مستلزمات العيش البسيطة، ودفع إيجار السكن المتواضع الذي نقيم فيه.. استخدمت حبوب منع الحمل لأكثر من شهر ونصف دون استشارة طبيب، لاعتقادنا أن الأمر لا يتطلب ذلك.. ولكن بعد هذه الفترة أشعر بأعراض لم أكن أعاني منها قبل استخدام أقراص منع العمل. ومن تلك الأعراض الصداع والقلق والعصبية المفرطة.
تصمت لثواني وهي تجول ببصرها حولها.. ثم تواصل حديثها كانت تعاني من السمنة، وجراء ضغوط أعراض تعاطي أقراص منع الحمل _كما ذكرت لي الطبية مؤخرا_ تعرضت لجلطة في ساقي اليمنى أسعفت على إثرها إلى مستشفى الثورة بصنعاء.
وأختمت حديثها بالقول: إن الطبيبة المشرفة على حالتها أخبرتها أن اسعافها السريع خفف من حدة الجلطة. فلو كانت تأخرت في الذهاب إلى المستشفى، لتضاعف خطر الجلطة وامتد إلى الرئة، وشكل خطورة على حياتها ومنها الوفاة.
تقول الدكتورة ياسمين الحرازي استشارية نساء وولادة إن الاستخدام العشوائي لوسائل تنظيم الأسرة من قبل بعض النساء منتشر إلى حد ما في مجتمعنا، حيث يلاحظ انتشارها بين النساء خصوصًا في بداية زواجهن لتأخير الحمل في بداية الزواج.
وتضيف الدكتورة الحرازي أن الأضرار الناتجة على ذلك كثيرة، خاصة أن هناك موانع استخدام لبعض الحالات التي قد تجهلها النساء، وينتج عنها أضرارا كثيرة، لذلك يجب عدم استخدام الموانع إلا بعد استشارة الاخصائية، لأن هذه الوسيلة قد لا تناسب حالة وجسم المرأة إلى جانب وجود أعراض جانبية في حال عدم استخدامها بالشكل الصحيح والمناسب.
وعلى العكس من أسماء، تقول حنان البالغة من العمر 26 عامًا، وهي متزوجة منذ عامين أنها استخدمت أقراص منع الحمل من بداية زواجها من أجل عدم الإنجاب مبكرًا.
حنان ولكونها متعلمة -بكالوريوس إدارة أعمال- كانت تعي بأنه يجب أن تذهب إلى طبيب مختص للاستشارة بكيفية الاستخدام الآمن والمناسب لصحتها واستخدمت الحبوب “الأقراص” بمشورة طبيبة مختصة لمدة عام، ومن ثم قررت وقف استخدام موانع الحمل دون التعرض لأي مضاعفات ناتجة عن وسائل منع الحمل.
أحلام العطاب طبيبة نساء وولادة تقول إن استخدام أقراص منع الحمل للنساء التي يقل عمرهن عن 35 سنة تفرض الضرورة أن تكون الحالة لا تعاني من السمنة ولا أمراض القلب والسكر والضغط أو تدخن، كون هذه تعتبر مسببات لحدوث الجلطات، واستخدام أقراص منع الحمل لمثل هذه الحالات بدون استشارة طبيب قد يعرض حياتها للخطر.
وتضيف العطاب أن أقراص منع الحمل تؤثر على النساء اللواتي يجرين عمليات جراحية خاصة العمليات الطارئة، مثل الزائدة أو العمليات الناتجة عن حوادث السير؛ فتأثير الأقراص يصل إلى فترة مدتها ثلاثة أشهر من فترة الاستخدام.. وخلال هذه الفترة يجب على النساء الامتناع عن استخدام وسائل منع الحمل (الأقراص)، لأنها قد تنتج عنها مضاعفات تؤدي للإصابة بالجلطة بسبب التأثير المسبق لها.
أضرار الاستخدام العشوائي
وتوضح كذلك استشارية النساء والولادة الدكتورة ياسمين الحرازي، أن من أهم الأضرار الناتجة عن الاستخدام العشوائي لوسائل منع الحمل الصداع المزمن، النزيف غير المبرر، زيادة نسبة الاصابة ببعض المضاعفات الأخرى، حيث يوجد عدة حالات تقوم فيها البنات بأخذ أقراص منع الحمل بداية زواجهن من دون استشارة، رغم انه مسموح استخدام الحبوب وتأخير الحمل قبل الإنجاب، لكن يلزم أخذ الأقراص المناسبة، وأخذ نوعية أقراص معينة تكون فيها التأثيرات الجانبية على نظام الهرمونات والغدد خفيف.
وتشير الدكتورة أحلام العطاب أن النساء اللواتي يعانين من أمراض وراثية خاصة السرطان، فإن الاستخدام العشوائي لبعض أقراص منع الحمل (الأقراص المركبة التي تحتوي على مادة الاستروجين)، قد تؤدي إلى مضاعفة حدوث سرطان الثدي لأنها تعمل على تنشيط هرمون الاستروجين للنساء اللواتي يوجد في أسرتها شخص يعاني من سرطان الثدي، كما يمنع عليهم استخدام الأقراص مانعة الحمل لان العامل الوراثي يسبب حدوث المرض بنسبة 50% كما تعمل على مضاعفة النسبة.
الشائعات بين النساء
تعتبر الدكتورة أحلام العطاب أن الشائعات تلعب دور مهم حول الاستخدام العشوائي، إذ أن غالبًا ما تنتشر الشائعات بين النساء حول الاستخدام العشوائي لأقراص منع الحمل يكون عبر الأهل، نتيجة استخدام مسبق من قبل الأخت أو زوجة الأخ وبقية أفراد الأسرة، حيث يتم استخدام الحبوب وفق التجارب السابقة لأفراد الأسرة، فالتقاعس من الذهاب إلى طبيب مختص، يشكل بيئة خصبة للشائعات بين النساء حول نتيجة الاستخدام والأخذ بالاعتبار أن النتيجة واحد، وهو ما يختلف من إمرأة إلى أخرى؛ لأنه يعتمد على الحالة الصحية والتشخيص من قبل الطبيب المختص.
وتقول الدكتورة ياسمين الحرازي حول الاستخدام العشوائي لوسائل منع الحمل (الأقراص)، ودور الشائعات بين النساء، أن بعض الحالات تواصل أخذ الأقراص لفترات طويلة دون متابعة أو انتباه، وهذا خطير جدا ويسبب مضاعفات، وبالتالي يجب عدم استخدام وسائل منع الحمل لفترات طويلة دون عمل فحوصات ومتابعة دورية..
فيما ينصحن أخصائيات الصحة الإنجابية الأمهات بأنه قبل استخدام وسائل منع الحمل أن يخضعن للمشورة من قبل الأطباء والطبيبات؛ للحصول على المعلومات الصحيحة ومطابقة معايير اللياقة الطبية، والوسائل المناسبة لها من أجل عدم حصول مضاعفات، لأن لكل وسيلة من وسائل منع الحمل لها سلبيات وايجابيات..
ويجمعن أخصائيات الصحة الإنجابية بأن المستفيدة التي تخضع للمشورة، تتلقى المعلومات التي تناسبها وفق لياقتها الطبية، وأنها تخضع لفحوصات طبية مثل نسبة الدم وقياسات الضغط الوزن وغيرها، ليتم إعطائها الوسيلة المناسبة لها.
وأن أغلب الحالات التي نقدم لها خدمات الصحة الانجابية دائما ما تستخدم بشكل عشوائي وعدم الانتظام خاصة أقراص منع الحمل، وهذا يسبب مضاعفات ينتج عنها صداع وغثيان وتوتر وقلق، ما يدفع المستفيدة إلى وقف استخدام الوسائل، وهذا خطأ كبير ويجب على الحالة عدم التوقف عن استخدام الوسائل؛ لأن وقف الاستخدام يسبب نزيف واضطرابات في الدورة الطمثية والهرمونات.
ونوهت الدكتورة أحلام العطاب، أنه يجب أن تخضع المرأة التي تريد استخدام أقراص منع الحمل لفحوصات قبل الاستخدام، منها الفحص للثدي بشكل دوري، وفحص وظائف الكبد بشكل دوري، وفحص عنق الرحم بشكل دوري وفحص المبايض من أجل إعطاء المريض الأقراص بعد التأكد من أن الحالة لا تعاني من أي مرض لكي لا تؤثر وتشكل مضاعفات بسبب استخدام أقراص منع الحمل.
• تم إنتاج هذه المادة ضمن مخرجات برنامج التغطية الإعلامية الجيدة لقضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.