- كتب: عبدالحكيم الفقيه
الورقة الثانية
تبدأ النوفيلا بمقدمة تمهيدية مقتضبة تهيء للحدث والمكان والشخصية المركزية. وفي الغالب تكون لغة النوفيلا سردية بديعة قريبة إلى الشعر وتقدم دلالات قابلة للتأويل والتفسير حسب ثقافة المتلقي كون الكاتب يقدم رموز ومعان بشكل غير صريح، فالإبهام سيد الموقف.
النوفيلا سرد نثري مسبوك ومضبوط ومتحكم فيه بدقة ويخلق جوا نفسيا متلبدا بالإثارة والتشويق والتهكم الهادف وفي الغالب يشترك المتلقي في مآل الحدث عبر رحلة قلق وانفعال وتوتر. وعمود النوفيلا الفقري هو قصة طويلة ذات وحدة عضوية بين مكوناتها، وهي تقدم تكثيفا مفصلا للموضوع بتركيز تام كالقصة القصيرة وبإطار وأفق واسع كالرواية.
النوفيلا خيار مناسب للكاتب وللقارئ وخصوصا في عالم اليوم حيث السرعة في كل شيء وحيث يحس الواحد أن 24 ساعة لم تعد كافية لليوم بعد انفجار المعرفة وتعقيد الحياة فلا النوم كاف ولا الوقت يسعف في توفير متطلبات الحياة.. ثمة اضطراب عام وهو نتيجة طبيعية لإنهيار العالم في ظل الأحادية القطبية، فكل شيء فقد توازنه حتى الوقت، فلذا تعد النوفيلا مناسبة للمتراجعين عن قراءة الرواية الطويلة والهاجرين للقصة القصيرة التي تقزمت وصارت قصيرة جدا كالكبسولات. فالنوفيلا تعد مصدر توازن للمتلقين، وللكاتب تعد الأنسب للحفاظ على تجربة السرد الروائي وتزويد الشاشة بمصادر خامة للأفلام المتجددة وقتا ومضمونا.
***
تتبع غدا الورقة الثالثة.