- كتب: عبدالباري طاهر
تمثل السعودية وإيران رافعتين هامتين لا يمكن تجاوزهما في قراءة مجريات الأحداث في المنطقة؛ فالانفراجة التي فاجأت بها الصين العالم، اليوم الجمعة، باتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سيكون لها انعكاسات إيجابية في حلحلة كثير من الإشكالات التي تعاني منها المنطقة؛ وفي مقدمتها الحرب في اليمن، التي تدخل في الخامس والعشرين من مارس/آذار الجاري عامها التاسع، وتحديدا منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية.
من بنود الاتفاق الموقع اليوم هو اتفاق الجانبين على “تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما الموقعة في عام 2001، وتأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”. من هذه النقطة يمكن الانطلاق في قراءة تأثير الاتفاق على صعيد تطبيع العلاقات بين دول المنطقة، وفي مقدمتها الحرب في اليمن.
يقول نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، الكاتب والمفكر عبد الباري طاهر، لـ”القدس العربي”، هذا البند يمثل، بالنسبة لنا في اليمن، أهم ما ورد في الاتفاق؛ لأنه يلخص المشكلة والحل، إلا أننا نتمنى أن تكون هناك مصداقية في المضي بتنفيذ الاتفاق؛ لأن هذا الاتفاق في غاية الأهمية؛ وسيكون له انعكاساته على مستوى المنطقة ككل؛ لأن المنطقة كلها تعيش حالة أزمة، واليمن جزء منها؛ وهذا الاتفاق هو بداية الحل لكافة مشاكل المنطقة”.
وأضاف “بالنسبة لليمن، فإن معيار مصداقية هذا الاتفاق يتمثل فيما سنلمسه من خطوات لحل القضية اليمنية، وإغلاق ملف الحرب كخطوة أولى يتبعها تصالح يمني- يمني يتم من خلاله حل كافة الإشكالات العالقة بين اليمنيين”.
وتابع “يمكن قراءة أهمية هذا الاتفاق بالنسبة للحرب في اليمن انطلاقاً من أن هذه الحرب بعد الشهور والسنوات الأولى أصبحت حربا إقليمية، وتحديدا بين السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى، بينما اليمن الطرف الأضعف في الحرب”.
وأضاف “النظام السعودي أصبح يشعر أن الحرب في اليمن كانت كارثة عليه واستنزفته كثيرا، وفي الأخير عجز عن عمل أي شيء”.
وأشار طاهر إلى أن المنطقة تعيش أزمة شاملة طالت العراق واليمن وسوريا ولبنان ومصر وليبيا وتونس. وأصبحت بحاجة إلى مخرج من هذا المآزق.
وقال “هذا الاتفاق يمثل بداية لحل كل الإشكالات التي تعاني منها المنطقة، إذا صدقت النوايا، وتم تفاهم حقيقي على إصلاح أوضاع المنطقة وتجاوز الحروب”.
وأوضح أن ” كل الأزمة التي تعيشها المنطقة، بما فيها الوضع الحرج لإيران ووضع السعودية في مواجهة إيران، كان المستفيد منها إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة”.
وقال طاهر “النظام السعودي اليوم في أمس الحاجة إلى التطبيع مع المنطقة كلها للتفرغ لمشروع إعادة بناء النظام، وبالتالي هو بحاجة ماسة للتطبيع من إيران والمنطقة ككل، أما إيران فهي أكثر احتياجا لهذا التطبيع؛ لأن وضعها في غاية السوء. علاوة أن المنطقة وصلت إلى حافة الهاوية؛ ولا بد من مخرج لمعالجة كل أوضاعها، وهذا الاتفاق مجرد بداية”.
فيما يتعلق برؤيته لخلفية هذا الاتفاق قال “إسرائيل تعيش حالة أزمة واليمين التوراتي يفكر بابتلاع الضفة؛ ولا يمكن له أن يفعل ذلك إلا بجر المنطقة إلى حرب مثل حرب 5 حزيران”.
وأضاف “دول الخليج وتحديدًا السعودية شعرت أن ثمة ضربة ستوجه إلى إيران، وسيكون هناك رد مباشر على السعودية ودول الخليج. هذا الخطر كان حافزا للإسراع في الاتفاق، الذي سبقته مفاوضات في عدة جولات بما فيها مفاوضات العراق”.
ويشهد اليمن حربا طاحنة تدخل عامها التاسع، ذهب في رحاها أكثر من 300 ألف يمني، فيما هناك أكثر من أربعة ملايين نازح داخل البلاد، علاوة على تدمير أكثر من نصف المرافق الخدماتية، والمعاناة من “أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث”، بالإضافة إلى أن هذه الحرب ألحقت باليمن خسائر اقتصادية تراكمية تتجاوز 126 مليار دولار وفق الأمم المتحدة.
- عن القدس العربي