- كتب: حسين الوادعي
…………………
ماذا يعني أننا نعيش حالة الحداثة، أو العكس أننا لا نعيشها ولا نزال بعيدين عنها؟
ليست الحداثة تلك المنتجات المستوردة، فالإنسان الذي لا يزال حتى اليوم يعيش عيشته البدائية في غابات الأمازون قد يستخدم البندقية بدل السكين لكن هذا لا يجعله حديثا.
شكلت الحداثة تحولا فكريا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا عميقا بدأ في أوربا نهاية القرن الخامس عشر.
عرّف ماكس فيبر الحداثة باعتبارها “نزع السحر عن العالم” أو “نزع القداسة عن العالم”.
جوهر هذا التعريف ان الانسان الحديث يفهم ظواهر الطبيعة والمجتمع مستخدما التفكير العلمي ومبتعدا ما أمكنه البعد عن الخرافة والاسطورة.
العالم ما قبل الحديث عالم ثابت، قيم ثابته، وتقاليد ثابته، ولهذا شكلت الأديان ذروة فكر العصر ما قبل الحديث باعتبارها الكلمة “الثابتة” والنهائية.
لكن الحداثة تقول أن لا ثابت هناك إلا التغير نفسه!
من هنا ارتبطت الحداثة بالقيم الخمس الكبرى:
الفردية (نزع القداسة عن القبيلة والعشيرة)، والديمقراطية(نزع القداسة عن الحاكم وسقوط الحكم بالحق الإلهي او الحق الملكي)،
والعلمانية(نزع القداسة عن السلطة الدينية وتحرير العلم والعقل من سلطة النص)،
والعلم او التفكير العلمي(نزع القداسة عن الطبيعة وتحويلها الى موضوع قابل للفهم والتسخير من أجل مصلحة الإنسان، وفهم قوانينها الثابتة بعيدا عن التدخل الخارجي)،
والتقدم (نزع القداسة عن الماضي فالماضي لم يعد عصرا ذهبيا بل كابوسا يجب الابتعاد عنه بالمزيد من التقدم).
عندما ننزع السحر عن ديننا وعاداتنا وتقالدنا وزعمائنا
وتاريخنا ولغتنا وخرافاتنا.. عندها فقط سندخل مرحلة الحداثة حقا.