في رثاء درويش: كليم هو البحر

• عبدالحكيم الفقيه
  

لا يحب الحليب المركز والموت بعد الأوان
تمعن في كرنفال الفراشات
ألقى بنفسه في مهرجان القصائد
مات وفي القلب غرناطة العشق والقدس والقيروان
كما الخيل يركض وهج الحروف
وروح الفيافي معطرة بالكلام المصفى
(على هذه الأرض ما يستحق الحياة)
فمات بعيدا عن الشاي والناي والأقحوان
المراثي مجنحة الدمع
والهمسات شحوب
تكاد تجن الكمنجة والعود كالبهلوان
الشبابيك تنبيك عن حزنها الآن
لا صولجان ولا سر جان ولا أفعوان
وينكسر القلب قارورة من عطور هنا
كليم هو البحر
والأرض مكلومة والفراغ
تغلغلت الآه في رئة الدهر
بين السويعات بين الدقائق بين الثوان
البنفسج في لحظة الحزن يضمر
والماء يذرف دمعته في السواقي
وكل المدائن تبكي على شاعر عاش في صدره الناس
كان السنونو يرفرف فوق سنابل روحه
والوقت ينبض بالآس
يختال كالكروان
كوى الجرح بالنار
وامتد كركرة في المدى
كان يشرب من جرة الشعر
فخار قريته العربية من نغم وتراب
كسا الحرف لحم الأناشيد
سوى على هيئة الطير طين اللحون
ارتدى حلة الموت كيما يجيء على مهله وترا في كمان الدهور
مشى، عاش، طاش، روى، غاب، آب، ارتوى ، هاج ، ماج
ولكنه لم يقل للقصيدة أين كوافيرة الكلمات؟
ولم ينزو في الكهوف
كنعناع شاي الصباح يطل على ظله
ويدق المسامير في لوحة الريح
كان يسابق أنغامه
ويصلي صلاة الخسوف لكي تقلع الشمس عن لعبة اللف والدوران
ودار مع الكون
دار ودارى الحقائق في قبضة المستحيل
وأعلن موعده في الرحيل
قضى النحب في غفلة واستكان
تولى
وأورق بستان أشعاره من جديد
وأزهر أزمنة للمكان

• تعز
  10-8-2008