- صابر سلطان
في ظل أوضاع متغيرة ومتقلبة طغت الكثير من المصطلحات الثابتة، التي تجاوزها الزمن وبقي المجتمع يعاني منها، أحدها ذلك المصطلح الذي يلقون به على كل حالة تودد من رجل لإمرأة على أنه تحرش.
إن المتمسكين بأعراف بالية ويعتقدون أنها خالدة، وقفوا أمام هؤلاء الذين يتَحدون تلك الأعراف الثابتة، ويغيرون العادات السائدة، إن الفئة الأولى تنظر للثانية على أنهم شخصيات خرجت عن طوق سلاسلهم الغليظة بل مدمرون.
إن الأعراف الثباتة والنظام الناتج عن ثقافة الخوف، شيء يجب تغييره. ووفقا لمكيافيللي : “إن طبيعتنا الثابتة وتوجهنا للتمسك بخط واحد بالسلوك أو الأفكار هو بالضبط سبب بؤس البشرية وعجزها”.
حين تصنف الفئة الأولى كل مودة لإمرأة على أنها تحرش، مع أنه من حقنا كرجال أن نتغزل بهن ونستلطفهن، تلك هي الحاجة التي بقينا نواريها بين جنبات أفئدتنا منذ الأزل، ومن حقهن أن يتوارين خلف حجاب من خجل، أو بما تقتضيه حاجتهن من عفة.
إني هنا أدعو وغيري الكثير على إعادة تعريف الغزل!. تحت وطأة الحملات التي تطلق ويصفون كل شاردة وواردة على أنها تحرش.. نعلم أن الإفراط في التودد له كلفته، كما أن الذهاب لما هو أبعد من غزل له وصمته من قلة أدب ومروؤة.
أنا هنا لا أضع تعريفات ولا أرسم حدود، فهذا مرهون بتقدم الوعي بشكل جمعي لا فردي. إن الهوة التي بقيت مابين فرد وما ألمّ به من عشق ووله وحب، وما بين وعي جمعي متزمت، يوزع لومه وتهمه والجنة والنار كقطع الحلوى على العابرين، مع أن التزمت له تأثيراته الخطيرة وتداعياته النفسية التي لا تبرح تفتك بالضحية حتى تجهز عليه.
إن الغزل والتودد حالة إنسانية راقية جدا تطورت عبر الآف السنين حتى وصلتنا، وتحدد الفرق في العلاقة مابين ذكر وأنثى أثناء صراع هذا النقيضين في التقرب والتودد، إن هذا مما يجذر علاقتنا بالإنسان الواعي، ويبعدنا عن ذاك البعد الحيواني الذي لا يمت للرقي بصلة وقد تجاوزه أسلافنا في السنيين الغابرة، ختاما أؤكد أن الغزل عمل نبيل وواعي وله ضوابطه الأخلاقية واعادة يصدر من أشخاص عندهم رقي في الإحساس والمشاعر الإنسانية النبيلة.