- كتب: عبدالقادر صبري
كانت تسعينات القرن الماضي هي الفترة الذهبية للحراك الأدبي والثقافي والفني في اليمن . حيث انتقل إليها نخبة النخبة من الصفوة العراقية، المعارضين للنظام في العراق .. توزعت نجوم العراق بين العواصم العربية التي تقع على الطريق بين صنعاء وبغداد .. اذكر منهما ليس حصراً وإنما على سبيل الحكاية مع حفظ الألقاب.. د.عبدالإله الصائغ، د.على جعفر العلاق ، د. عبدالرضا علي، د. علي عبدالزهرة الجسماني د.شاكر خصباك،
د.حاتم صكر ، د. علي حداد،
والشاعر فضل خلف جبر والشاعر عبدالرزاق الربيعي
و عدد من الأدباء العرب الذي كانوا يجتمعون تحت مظلة أديب اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح وارتبطنا معهم بصداقات حميمة.
وكان من بين هذه الكواكب والنجوم صديقي الفنان والموسيقي والملحن رعد بركات الذي يعتبر في لوحده فلكاً قائماً بذاته..فهو فنان شامل وأكاديمي يقوم بتلحين أغانيه وتوزيعها.. وعزف موسيقاها بجميع الآلات وإخراجها ومنتجتها..بل وحتى كتابتها في بعض الأحيان. وقد استفاد رعد بركات من فترة حياته في اليمن في تعميق وعيه ورؤاه ومداركه حتى صارت أغانيه و أعماله تشكل رسائل وطنية مما حدى به، بعد ذلك، إلى التخصص في الاغنية الوطنية والأعمال ذات الرسالة الهادفة.
ربطتني بهذا الفنان العظيم صداقة حميمة.. ثم تطورت إلى ما يشبه الإدمان لشخصية هذا الفنان الآسرة.
كان لدى رعد مشروع لتطوير الموسيقى اليمنية وكان مغرماً بتراث الفنان العظيم احمد قاسم .. كثيراً ما كنت أذهب الى شقته الجميلة في شارع الستين و أراه منهمكاً في إعادة توزيع اغنيات احمد قاسم المدهشة .. وأذكر أنه اهداني أشرطة أصدرها في ذلك الوقت تجمع أعماله اليمنية والعراقية واحتفظت بها في خزنة مكتبي.
حين ازوره كنت أجد عنده فنانين مجهولين من اعمار مختلفة، ومن الجنسين .. كان رعد يحاول تبني وتدريب جيل جديد من المطربين اليمنيين .. دربهم على أداء الاغاني العراقية العملاقة مثل اغنية “يصبريني” التي سمعتها لأول مرة في بيته الحميم بصنعاء و دهشت بها..
وفجأة .. وفي خضم الحياة .. اختفى رعد من سماء اليمن .. كأنه قمرٌ غادرها فصار “وجه السماء موحوش” كما قال المقالح في اغنية لأبي بكر سالم من الحان احمد فتحي .
اتخذ بركات وجهته إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث يستقر حاليا .. وتباعاً غادر العديد من الكواكب والنجوم العراقية سماء صنعاء متفرقين في اصقاع الكون وكأن صندوق الملك سليمان قد فتحته جنية ما ..
شعرت بالحزن والوحدة وخليت علي صنعاء بما رحبت .. ولكني لم اكن ادري أنّي أنا بنفسي سأكون يوماً احد هذه النوارس التي تغادرها.
وفي غياهب الغياب .. وبعد اكثر من عشرين عاما من الشتات لاح في الافق الأزرق اسم لطالما أحببته كثيراً .. صديقي رعد بركات .. سارعت في دعوته إلى صفحتي في الفيسبوك.. وبشوق وشغف توافقت أشواقنا وجمعتنا من جديد رغبتنا الجامحة في تجسير علاقتنا بأوطاننا عبر حنجرة أغنيات الحنين .. فكان هذا العمل الملحمي الذي بين ايديكم “وطن الهباء” .. و كنت قد كتبته في عام 2004 ونشر بعنوان “من مذكرات رجل الهباء” في موقع عينكاوا العراقي العملاق .. والقيته في عكاظية الشعر العربي في الجزائر عام 2007 ..
ليصير هذا العمل اليوم هو بوابة الولوج من جديد الى عالم صديقي الموسيقار العراقي الجميل رعد بركات.. هذا الاسد البابلي الصوت لنجتمع سوياً على كلمة الفن السواء ..نقولها معاً: لا للحرب .. لا للعبث بالانسان و لا لتخريب الأوطان .
اضع بين ايديكم بكل فخر تجربتنا الموسيقة الملحمية
وأشكر كل من شارك في إنجاح هذا العمل
الفنانة شاهيستا من القاهرة
والفنان والصديق الحميم راي عسيري من برلين
وولدنا الحبيب احمد رعد بركات لقيامه بنقل هذا العمل الى اللغة الانجليزية في مجهود جبار و استثنائي ..
Raad Barakat
Shahiesta Shaban
Ray Asery