- د. أحمد حمود المخلافي
هو مرض نفسي/ عقلي.. المصاب به يعتقد خطأ أن الناس يؤثرون عليه، ويقرأون أفكاره، ويسطون عليها بوسائل شاذة (سحرية أو الكترونية).. وأنهم يهدفون إلى أن يخصوه عقلياً!
ويعد الخصاء النفسي أشد هولاً على المصابين به.. لأنه يصمهم بالعجز الأبدي!
ولتوضيح المعني نشير إلى أن الفكرة في اللغة، هي الصورة الذهنية.. وهي أقرب إلى أن تكون خبرة ذهنية، كما يوضح علم النفس.. وقد تتضمن الفكرة أكثر من خبرة ذهنية واحدة.
وهنا يعرج (علم النفس) على الشحنة الوجدانية ويستعرض أنواع الأفكار الشعورية واللاشعورية ومطاردة الأفكار وتطاير الأفكار والفكرة العرضية والحوازية ومركب الأفكار والفكرة الفضولية والمجترة، إلخ.. حتى يصل إلى استنتاج: “إن الأفكار ذات الطابع الشمولي يمكن تتوارث شأنها شأن الأفكار الجماعية.. ومن شأنها في الظروف المماثلة أن تنتج أفكاراً مشابهة”.
إن انتاج افكار مشابهه، سببه انعدام استقلاليه الفكر للشخص الفرد، وتخبطه بين إرث من أفكار جماعيه سابقه، وبين فكره فرديه عابره. وبالتالي لا يستطيع تحمّل الضغط الخارجي، ويرغم على الرضوخ تجنبا للصراعات.
فمثلاً: فكرة المؤامرة التي تخطر على بال كل متكلم بعد الحوادث السياسية والاجتماعية والثقافية.. وفكرة “الغزو الثقافي”، “ورهاب المنظمات اليهودية”، وأسطورة “المخابرات الأجنبية”، ورهاب “النادي الماسوني”، وفكرة “العمالة”، إلخ.. طبعاً يوجد نشاط كهذا ولكن تأثيره محدود لا يمكن أن نبالغ فيه .
لكن هذه التصورات في أكثر حالاتها حضوراً بين أفراد المجتمع في المجالس والنوادي والأزقة الخلفية والأمامية، والمحاضرات الدعوية، والمكتبات ووسائل الإعلام والمنتديات… وكل الأماكن التي يتم فيها تبادل الحديث.. هي دليل على (الخصاء الفكري الجمعي)..
أي الاعتقاد أنه دائماً هناك مؤامرة وقوة خفية وتخطيط لتدمير الثقافة والدين والفضيلة والهوية هل العالم كله عدو لنا.
ويرجح نشوء ألية “للتخاصي الاجتماعي” كحالة عصابية مرتبط بتاريخنا الاجتماعي والطريقة التي كان يتعامل بها الأسلاف في تاريخنا المدون.. بمعنى أن (الخصاء العقلي) ليس مستورداً.. بل هو فكر محلي متجذر في ثقافتنا..
فمثلاً: عندما تنظر في بعض الحشود التي تهتف لأحدهم فوق منبر من منابر الخطاب الإيديولوجي (ديني أو قومي أو سياسي) وأنصت لطريقة هتافهم وتلك الشعارات التي يلوحون بها.. فإنك لن ترى إلا عقول مخصية!





