- محمد عبدالوهاب الشيباني
تعز الجديدة جلست على طاولات مقهى الابي
في الذاكرة الثقافية
والسياسية ليس في تعز ما هو اشهر من مقهى “الابي” ، الذي تأسس في العام
1955 اسفل المدرسة “الاحمدية” بالقرب من باب المدينة الكبير ، وعرف الشارع منذ 1962 بشارع 26 سبتمبر، وصارت المدرسة تعرف بـ ” الثورة”.
شهرة
المقهى ان صاحبه عبدالله الابي لعب ادوارا اساسية في التخفيف عن طلاب
المدرسة الذين حاصرهم عساكر الامام داخل مدرستهم، بعد خروجهم بمظاهرات تشيد بالزعيم عبد الناصر في خريف 1961، حين كان حلقة بينهم وبين اسرهم واحرار
المدينة. لم تكن البوفيه لطلاب المدرسة الاحمدية مجرد مكان للاستراحة من
الحصص الدراسية أو الحلقات العلمية وتناول المشروبات والمأكولات فقط بل
كانت الراديو هو العامل الأكثر جذبا للطلاب.. إذا لم يكن المكان مجرد بوفية أو مقهى فقط بل كان أشبه بنافذة يطل من خلالها الطلاب على العالم، كما
يقول مالكه
وبعد سبتمبر 1962صار المقهى عنوانا لنخب المدينة من ادباء
ومثقفين وسياسيين حزبيين ، اذ كانوا يجلسون بالساعات على كراسيها البدائية
يناقشون احوال البلاد وهي تثب نحو الضوء بعد قرون من العزلة والظلام، ولم
تكن هذه النقاشات تخلو من الحدة والاختلاف.
والى جانب “مقهى الابي” ـ
الذي لم يزل قائما في مكانه منذ تأسيسه ـ ظهرت في تعز مجموعة اخرى من
المقاهي ، التي وجدت اليها اقدام المثقفين والمتحزبين في الستينيات
والسبعينيات مسالك غير صعبة مثل “مقهى الشباب” جوار سينما قصر سبأ بالقرب
من الباب الكبير، و”مقهى النجم” بالقرب من السوق المركزي ومقهى “النقب” في
ناصية شارع جمال بالقرب من التحرير الاعلى ، ومقهى” نبيل الوقاد” في شارع
26، حيث صار كل مقهى منها خاص باتجاه سياسي معين، غير ان هذه المقاهي
اندثرت تقريبا.
لكن لم يزل في قلب المدينة القديمة مقهى “الشُعبي”
يقدم لمرتاديه ، حتى الان، الشاهي الاحمر المميز الى جانب البن بالحليب،
وله زبائنه الدائمين الذين يبدأون بالتوافد عليه من بعد الفجر وساعات
النهار الاولى ، وعلى طاولاته الحديدية في محيط الخان القديم ” سمسرة
الحبوب” يديرون نقاشاتهم المتنوعة في الرياضة والسياسة والموضوعات
القريبة منها.
في سفح جبل صبر الاخضر ، حيث نشأت منطقة الجحملية
بخصوصية ثقافية تقترب من مدن الشمال بسبب انتماء اغلب سكانها لتلك المناطق يبرز اسم مقهى “غالب مخسو” ،الذي افتتحه صاحبه في اواسط الستينيات وجعله
اقرب الى مقاهي صنعاء القديمة بتحضيره للبن المحلَّب والشاهي المفوَّر
بذات الطريقة التي يستخدم بها بالدافور السويدي او مواقد الجمر. وظل هذا
المقهى و لسنوات طويلة يجذب الكثير من سكان المنطقة الذين يجدون في جنباته تمثيلا لخصوصياتهم الثقافية ، قبل ان تفعل الحرب به ، وبالمنطقة افعالها
المدمرة، وتجبر ملاكه على اغلاقه لفترة طويلة .
يجد الان مثقفو المدينة المحاصرة في بعض المقاهي المنتشرة في المركزي والتحرير الاعلى وجولة
المسبح امكنة يلذون بها لتمضية اجزاء من اوقاتهم في النقاشات وتبادل
المعلومات ولقاء الاصدقاء.
- صورة المرحوم غالب مخسو بعدسة اروى عثمان، وصورة مقهى الابي ومالكة بعدستي وبعدستي ايضا صورة من داخل مقهى في الشيخ عثمان ومقهي الشعبي