- زين العابدين الضبيبي
في غيابك
يحتلني الوقتُ
ينصبُ في ولهي خيمةً
وينادي على الميتينَ بأسمائهمْ
في غيابك
تغدو الدقائق أزمنةً من غبارٍ
تطل على جبلٍ منهكٍ
من مطاردةِ الغيمِ
يجتازه
ويحطُ على سطحِ عاشقةٍ في الجوار
في غيابك
حطَ
وباضَ
وطارَ الحمامُ
وماتَ على شفتي الكلامُ
لأن غيابك في كل ثانيةٍ
سنةٌ بالتمام.
في غيابك
أرسم نافذةً في جدارِِ الحديقةِ
أمحو جدارَ الحديقةِ
أرسمُ ورداً وأشتمهُ
ثم أرسمُ رائحةً
كل ألوانها لا تؤدي إليك.
في غيابك
يختبئ الشعرُ
خلفَ احتمالِ العناقِ
وبين شقوقِ الهواجسِ
تحتَ رمالِ الحنينِ
ويمضي بعيداً
إلى سدرةِ المنتهي.
في غيابك
يسّاقط الشوقُ
تدهسهُ عرباتُ الظنونِ
وتلتهمُ النارُ أطرافهُ
والبقيةُ تأكلهُا العاصفةْ
في غيابك
لا شيءَ غير السرابِ
يعربدُ في خافقٍ
مترعٍ بالفراغِ
و روحٍ يُذوبها الصبرُ
والأمنيات الكسالى.
في غيابك
ينقصني كل شيءٍ
ويؤلمني كل حرفٍ
يضيقُ الزمانُ المكانُ الفضاءُ
ولا شيءَ غير الفجيعةِ
في داخلي تتسعْ.
في غيابك
أسهر ُ
أشُعلُ قنديلَ ذاكرتي
أترقبَ همسَ الجهاتِ
أرتبُ في ضفةِ الحلمِ
موعدنا المنتظرْ.
في غيابك
أخرجُ من غرفتي
وأغني
لأدخلَ في وحشتي
كالغريبِ وحيداً
وليس معي غيرُ مطلعِ أغنيةٍ
أتحاشى بهِ صخبَ الانتظارِ وفوضى المللْ.
في غيابك
كل القصائدِ مكتوبةٌ بالرمادِ
وكل الجرائدِ خارجةٌ من طقوسِ الحدادِ
وكل الشوارعِ متخمةٌ بالأنينِ
وكل الأزقةِ موبوءةٌ بالقلقْ.
في غيابك
تبدو المدينةُ
صحراءَ مهجورةً
لا الصباحُ يقلمُ أحزانها
لا ولا الليلُ يؤنسها بالغناءْ
ولا فرقَ ما بينَ يومَ غيابكِ عني
ويومَ القيامةْ .
في غيابك
صارتْ تجفُ الحياة
وتنكسرُ الأغنيات
فعودي أنا خائفٌ وحزييين